قبل البداية ..

"ارحب بكم في رحلتنا الماتعة نحو القمة , وقبل الإقلاع علينا أن الا نكتفي بتمني الوصول إلى القمة ولكن علينا العمل الجاد والمتقن للوصول إليها "



رحلة سعيدة وممتعة وبناءة للجميع ,,,






" دستور الموقع "

إذا أردت أن تحلق مع الصقور .. فلا تبقى مع الدجاج !!





تحياتي وأمنياتي ,,,



سلطان العثيم ..






الاثنين، 13 ديسمبر 2010

بوابة الثراء .. مقالي الجديد في صحيفة العرب القطرية


المال عصب الحياة وشاغل الناس ورحيق الأحلام ومنطلق النفوذ وبوابة الأمن الحياتي والمستقبل الأسري, هو الطاقة المتدفقة بكل قوة في شرايين الاقتصادي العالمي والمحلي , سواء كان على مستوى الدول أو الشركات والمؤسسات أو الأفراد والعامة.

يدفع بقوى العمل إلى الأمام وبه تبنى الأمم والشعوب وتتحقق الطموحات والآمال وتتم المشروعات وتوقع العقود ويبدأ العمل وتنهض البلاد والأقطار, وعلى أساسه يكون أي تخطيط مستقبلي سواء كان تشغيلياً أم استراتيجياً للمنظمات والأفراد .

فكيف نغطي جميع الجوانب التي تنهض بنا على مستوى الأمة والأوطان والمجتمعات مع غياب لإستراتيجية مالية واضحة للأجيال الحالية واللاحقة وهذا هو مدار حديثنا اليوم
ولعدة مقالات قادمة نكمل فيها الملف المالي بأذن الله .

ترصد الإحصائيات في العالم العربي عودة كبيرة إلى ممارسة الأعمال الحرة لدى الشباب والفتيات في هذا العصر ونفورهم من ثقافة الوظيفة والعمل المقيد الروتيني , وهذه علامة إيجابية وظاهرة صحية حيث تعود الأعمال الحرة والمشروعات الصغيرة والأسر المنتجة إلى الواجهة من جديد بعد انقلاب الموازين وتقديس الأجيال الماضية للعمل الوظيفي واعتبارهم له أنه بوابة الحياة الوحيدة ولكنهم أصيبو بخيبة أمل كبيرة بعد التضخم الكبير والارتفاعات المتلاحقة في الأسعار التي ضربت العالم ناهيك أن الدراسات والأبحاث تؤكد أن 1 % من الموظفين فقط هم من يصبحون أثرياء , وأن 99% هم عالة على صناديق التقاعد والتأمينات بعد إنتهاء رحلة العمل والبعض منهم يكون أيضا عالة على أولاده في هذه المرحلة الحساسة من العمر فأين يكمن الخلل !!

ولعلي أفهم هنا من هذه الآية القرآنية العظيمة {وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّهِ وَعَدُوَّكُمْ ) الآية . أن الإعداد الفردي والجماعي لهذه الأمة لا يجب أن ينسى قوة الإعداد في الجانب المالي والاقتصادي للفرد والجماعة فإذا عرفنا أن ستة من العشرة المبشرين بالجنة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا من الأثرياء وليسوا أغنياء فقط , وهم من ساندوا قيام الدولة وتوسعها ونهضتها ونشر الدعوة الإسلامية والتبشير بها في كل مكان مع حفاظهم رغم ثروتهم على قيمهم ومعتقداتهم وأخلاقهم وتواضعهم وخوفهم من الله وتقواهم فكان المال إضافة لهم وليست عليهم وهذا هو جوهر الإنسان المتوازن الثري بخلقة ودينه وماله في آن معاً فهو وسيلة وليست غاية .

يقول القائد القدوة صلى الله عليه وسلم (نعم المال الصالح للرجل الصالح ) رواه أحمد

فالزهد هنا ان يكون المال في يد الإنسان وليس في قلبه كما يذكر الإمام أحمد , وليس الزهد كما يحاول البعض أن يروج على انه إنصراف عن الدنيا وانقطاع عنها ورفع الشعارات الانهزامية والتي من أولها " القناعة كنز لا يفنى , ومد لحافك على قد رجليك , والشراكة قِدر لا يفوح" , وكل هذه الرسائل الانبطاحية التي تروج للخمول والضعف والدعة والاستسلام والبعد عن أي طموح مالي أو حياتي مشروع بل هو مطلوب وبشكل ملح وضروري .

خصوصاً في هذا العصر الذي لن نحقق فيه أي نجاح إلا عبر عصب الحياة والذي هو المال , كما أحب أن اؤكد على سلامة مصدر هذه الأموال وشرعيها والبعد عن كل عمل مشبوه أو محرم يبطل بركتها وينهي فائدها ويجعلها وبال وشر لا يقدر ولا يحتمل .

وعليه فكيف نستعيذ نحن كمسلمين في الدعاء من الفقر والحاجة والقهر والدين و غلبة الرجال
ولا نسعى جاهدين لتطبيق فحوى هذا الدعاء على ارض الواقع عبر استراتيجيات صناعة الثروات والمشاريع الإنتاجية وتفعيل الطاقات والاستفادة من الأطروحات والسعي وراء الرزق الحلال بكل همة توصلنا إلى القمة وإنفاقها فيما ينهض بنا ويرتقي بمجتمعاتنا وأوطاننا .

مع حرصنا التام أن لا يسرق المال منا توازننا ونظرتنا إلى الآخرة كما ننظر إلى الدنيا, و إلا يدخلنا عالم الطمع والجشع والظلم والبغي والغش والكذب والبهتان والنفاق على الإطلاق.
حديثي اليوم سوف يكون عن المشاريع الصغيرة والتي تمثل جزء كبيرا من اقتصاديات العالم ونطاقها الإداري والتنظيمي فهي تمثل في الغالب 95 % من مجمل المشاريع في العالم.

يعمل فيها في اليابان على سبيل المثال 82 % من القوى العاملة وفي الصين 75 % ونسبه قريبة من ذلك في الولايات المتحدة الأمريكية , مما يعطى هذا الموضوع خاصة أهمية كبيرة ولا شك حول العالم , ويجعلنا نغير الكثير من المفاهيم الغير دقيقه حول هذا الموضوع الهام فالأفراد يعتمدون اعتماداً كبيراً قي صناعة ثروتهم واستقلالهم المالي وتحقيق ذواتهم وتحويل أفكارهم وإبداعاتهم إلى واقع على المشاريع الصغير والعمل الحر بوجه عام , وعلى الجانب الآخر فالدول أيضا يرتكز اقتصادها الضخم على المشاريع الصغيرة في متوسط يحوم حول ما بين 65 - 75 من إجمالي المنظومة الاقتصادية وهو رقم كبير ولا شك .

ناهيك أن المشاريع الصغيرة والأعمال الحرة أصبحت حلاً هاماً ومجربأ عالمياً لمعضلة البطالة التي أسهمت بتفاقم مشكلات كثيرة مثل الفقر والجريمة والعنوسة وأزمة السكن و الضغوطات النفسية التي صنعت أزمات صحية واجتماعية كبيرة ,

وعليه فيعتبر الكثير من أهل التجارب الناجحة الذين عبروا من خلال بوابة المشاريع الصغيرة أشخاص يستحقون التوقف أمام تجاربهم ملياً حيث يتعففون عن العودة للعمل الوظيفي بعد أن تذوقوا حلاوة النجاح في هذه المشاريع التي انطلق منها أعظم وأكبر وأهم رجال وسيدات الأعمال والأثرياء والماليين والتنفيذيين في العالم بدون منازع , فهم بطبيعة الحال لم ينطلقوا من الأعلى ولم يكونوا وليدة الحظ والصدفة كما يعتقد الكثير من المسوفين للأسف , بل كانت بدايات بسيطة خلطت بأفكار إبداعية ملهمة وأديرة بجودة وإتقان ورؤية وتحدي وأهداف واضحة وصبر وإيمان وجدية .

ولابد هنا أن أعّرج على أهمية الاستفادة من التجارب السابقة واللاحقة في هذا الباب لجعل العمل والإنتاج سهلاً وسلسأً وممتعا ,ً والتحديات والصعوبات التي سوف تواجهنا محكومة وقليلة التأثير .

وهنا نورد أفكاراً هامة لحوض هذا الغمار الممتع والشيق ولا تنسى أن نأخذ مفاتيح النجاح الذهبية عبر طرحنا لهذه الأسئلة الثلاثة المحورية على أنفسنا ثم ننطلق إلى العالم الجميل بكل عزماً وحزم وتجلد.

السؤال الأول / هل أنا صالح لكي أكون رجل أعمال أو سيدة أعمال ؟

تـأكد من دوافعك .. وهو سؤال لا يمثل تحديأ للإجابة بل انتم تسألون أنفسكم بكل بساطه وسلاسة عن دوافعكم للقيام بهذه الأعمال ومادامت الدوافع والمحفزات المالية والاجتماعية والعائلية والشخصية كافية للإقدام على هذا العمل فسوف يكون ناجحاً بلا شك ويحمل في طياته الكثير من الإمتاع والفائدة ..

ونقصد هنا عندما نتحدث عن الدوافع المالية أي هل لديك طموح مالي أو تريد أن يكون لديك دخل إضافي أو تريد أن تحس بالأمان المهني والحياتي .
أما فيما يخص الدوافع الشخصية فهل تحب أن تكون سيد نفسك ؟ , هل تكره العمل لدى الآخرين ؟ هل تحس أن قدراتك وإمكانياتك أكبر من العمل الوظيفي ؟ هل تحب أن تحقق ذاتك ؟
أما فيما يخص الدوافع العائلية فهل تريد أنت وعائلتك على سبيل المثال أن تحس بالأمان المستقبلي , هل تريد أن تتمتع بمستوى معيشي معين لك ولعائلتك , هل تريد أن تمتلك منزلاً وتنعتق من عالم الإيجار والاستئجار .
أما الدوافع الاجتماعية مثل الحصول على التقدير والاحترام من الآخرين, كسب مكانه مرموقة في المجتمع, المساهمة في تطوير من حولك ووطنك وأمتك وتقدمها وغيره .

السؤال الثاني / ما هو مجال النشاط الذي أفضله ؟

وهو سؤال لا يقل أهمية عن الذي قبله حيث من المستثمرين الجدد من يحب العمل في المجال الصناعي وفروعه وهو مجال له أطره ومحدداته وفرصه الهامه , وهناك من المستثمرين من يريد العمل في المشاريع الزراعية الصغيرة والإنتاج الحيواني والدواجن وهو أيضاً عالماً أخر مستقل بذاته , وهناك نوع من المستثمرين يريد العمل في حقل الخدمات مثل الاستثمار في عالم السياحة أو الاتصالات أو المطاعم أو التعليم والتدريب أو الاستشارات وغير ذلك من الاستثمارات الصغيرة المجدية والنافعة , كما يفضل هن أن يفصل المستثمر في توجهاته التجارية بين توجهه نحو تجارة الجملة أو التجزئة أو الاستيراد والتصدير المباشر ويحدد الطريق والهدف من البداية .

السؤال الثالث / ما هو الإطار القانوني المناسب لمشروعي الصغير ؟

وهو سؤال مفصلي هام لأنه سوف يضع التصور النظامي والقانوني للعمل والإنتاج , وكلما كان هذا الوضع واضحاً جلياً سهلت التعاملات التجارية والبنكية وعرفت الحقوق والواجبات والأطر العامة للعمل , وعرف صاحب العمل والمتعاملون الإمكانيات المادية والنظامية المتاحة وطبيعة النشاط ومهام الشركاء و صلاحيات المدراء والتنفيذيين وكيف يمكن التعامل مع الأزمات ودرجة المخاطر وعدد العاملين في المنشأة وغير ذلك , وينقسم الايطار القانوني العام للمنشأة الصغيرة إلى عدة أقسام منها المؤسسة الفردية أو الشركة التضامنية أو ذات المسئولية المحدودة أو الشركة ذات التوصية البسيطة وهي تجمع بين أنظمة التضامنية و ذات المسئولية المحدودة وأخير شركة التوصية بالأسهم .

وفي الختام بعد إجابتكم على هذه الأسئلة الهامة وتأكدكم من الأرضية التي تسيرون عليها ومدى صلابتها وقوتها وتحملها تجنب الأخطاء العشرة التي يقع فيها الكثير ممن ينشدون الثراء أمثالكم عندما يؤسسون المشروعات الصغيرة الخاصة بهم ويتوجهون إلى احتراف الأعمال الحرة الممتعة , وهو ما سوف نتطرق له في المقال القادم بأذن الله , دمتم برخاء وإبداع وحرية .

"ختاماً "
جهات داعمة وحاضنة سوف تقدم لكم الكثير في هذا الباب

1- البنك السعودي للتسليف والادخار .
http://www.scb.gov.sa/

2-صندوق المئوية .
http://web.tcf.org.sa/new/

3- برامج عبداللطيف جميل لخدمة المجتمع.
http://www.aljprog.org/ar

4- صندوق التنمية الصناعي وهو مخصص لدعم المصانع الجديدة.
http://www.sidf.gov.sa

5 - صندوق التنمية الزراعية
http://www.adf.gov.sa

6 - برنامج كفالة لدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة
http://www.sidf.gov.sa

7 -صندوق تنمية الموارد البشرية " هدف "
http://www.hrdf.org.sa

8 - معهد ريادة الأعمال الوطني
http://www.riyadah.com.sa

محبكم / سلطان بن عبدالرحمن العثيم
مستشار ومدرب معتمد في التنمية البشرية والتطوير CCT
عضو الجمعية الأمريكية للتدريب والتطوير ASTD
sultan@alothaim.com
مدونة نحو القمة
http://sultanalothaim.blogspot.com

الخميس، 2 ديسمبر 2010

تم ولله الحمد تدشين صفحتي على موقع الفيس بوك وحياكم الله جميعا .





http://www.facebook.com/profile.php?id=100001540563184

كيف ظلمنا السيرة النبوية !!

هي منهج ومسار لكل إنسان ومخلوق من الأخيار والأبرار ॥ في كل الأوطان والأقطار॥ فيها الشفاء من كل العلل وفيها الحلول بكل السبل ॥ لا تجد جانباً إلا غطته ولا مجالاً حياتياً إلا تناولته ॥ ولا بعدا نفسياً أو عضوياً إلا وتطرقت إليه وساهمت في إثراءه॥وصف دقيق ॥وتوازن عميق ॥ وإسناد لا يحتاج إلى تحقيق॥ كانت سيرة الصادق المصدوق صاحب الصديق ॥ القائدة القدوة أبا القاسم نبينا ورسولنا وملهمنا وحبيبنا عليه أفضل الصلاة والسلام ।ولأن هذا الكنز أمام أعيننا استعجب واستغرب إغفال البعض لهذا القبس المضيء والذي سار نوره وانتشر في كل زمان ومكان ॥ بل كان المفتاح الذهبي الذي تغلغل في القلوب المظلمة وفتحها وأنار لها وبها الطريق وجعل الحياة تداعبها من جديد بعد أن عاشت غربة الجهل ووفاة المضمون وسبات الضمير ॥وأستغرب أكثر حينما نتناول السيرة النبوية الخالدة وكأننا لسنا معنيين بها ॥ وسردها كمجرد قصص وأحاديث عابرة لا تحتاج منا إلى توقف معها ولا دخول في تفاصيلها ولا استفادة منها في حياة أصبحت تحتاج إلى الكثير من الاحترافية في الأداء والتعامل والإنتاجية !!
كيف لوإذا عرفنا أن الله أرسل لنا الأنبياء لينقلونا من مراتع الجهل والتخبط والانحدار والضياع الإنساني في الحياة إلى مجامع الرقي والحضارة والسمو والنهضة ।فالإنسان بلا دين كائن تعيس مسكون بالوهن والضعف والوساوس.. لا يعدوا كونه كالبيت الخرب تسكنه الأشباح ويهجره النور ويستبد به الظلام।والفرد بلا قدوة يتعلم ويستفيد منه ويحاكيه في معاشه ومعيشته وتفاصيل حياته كالسفينة التي تاهت في المحيط وتركت لكِ تلاطم الأمواج في رحلتها إلى الهاوية ।بل أن القران الكريم دستور هذه الامة وصف النبي عليه أفضل الصلاة والسلام بوصف أقوى عند العرب من القدوة وأفصح وأعم وهو الأسوة وهذه علامة لغوية هامة يقدرها أهل البيان والبلاغة والتفسير ولا تمر عليهم بلا توقف أو تأمل।وعليه فإن استدراكي هنا حينما استخدمت وصف الظلم هو نابع من نظرتنا الأحادية للسيرة وتركيزنا على جزء من كل ,حيث تحولت سيرة المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام الشاملة الجامعة المانعة خصوصاً في المقررات الدراسة وبعض المناشط الدعوية والوعظية والعلمية والبرامج الإعلامية والفعاليات التربوية إلى سيرة للمعارك والحروب فقط والتي خاضها مع صحبه الكرام وآل بيته الأطهار عليهم جميعاً رضوان الله .. فتحول الحديث الدائم هنا عن قصص بدر واحد والخندق وحصار بني قينقاع والأحزاب وذات السلاسل وفتح مكة وغيرها من الملاحم الهامة والمشّرفة في تاريخ أعظم أمة جعلها الله خير تكتل بشري على هذا الكوكب يقود العالم ويرث الأرض ويعمرها في جميع المجالات وعلى جميع الأصعدة ।وعليه فكان السقوط في فخ التركيز على الجانب العسكري من السيرة فقط وهو غاية في الأهمية ولا شك .. وإغفال جوانب أخرى تنقلنا إلى النظرة الشمولية الطبيعية للسيرة العطرة التي من خلالها نبني المجتمع المسلم والمواطن الملهم بناء قوياً وايجابياً ذا أبعاد مستقرة ومتوازنة ومنتجة ।ولكن السؤال المحوري في هذا الباب هو أين نحن من السيرة الاجتماعية والأسرية والتربوية والحضارية والسياسية والإدارية والاقتصادية والمالية والشخصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام ।أين نحن من البعد النفسي والذكاء الاجتماعي والمهارات الحياتية والقناعات الايجابية الهامة والضرورية والحساسة التي كان يزرعها ويركز عليها بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام في مشروع بناء الدولة وصياغة المجتمع وإعداد الفرد وبناء الإنسان الذي يجب أن يكون الرقم الصعب على جميع المستويات ।أين نحن من مشروع إعداد القادة الذي تبناه وأعلنه في تنصب أسامة بن زيد قائد للجيش وهو ابن السبعة عشر عاما يتبعه كبار الصحابة ويأتمرون بأمره بما فيهم الخلفاء المهدين الذي خلفوا الرسول على الصلاة والسلام ونحن ما نزال في أدبياتنا نؤمن انه يجب أن يقودنا الأكبر وليس الأكفأ والأصلح !!
।أين نحن مع هذه المدرسة الخالدة في التعامل مع زوجاته وحبه الخالد لهن , وتعامله البسيط مع أحفاده وملاعبته لهم كعاشق للطفولة رغم كل مشاغله ونزوله لعقلية الطفل والشباب والجاهل والأمي ومخاطبة كلأ بما يعي ويفهم , ولم تتوقف رسالته على الإنسان فقط بل وضعت للحيوان مقام وحقوق وللأشجار والبيئة محددات وضوابط نجهلها أكثر مما نعيها هذه الأيام।أين نحن من حكمته في علاج أي حالته طوارئ تصيب بيت النبوة, أو أروقة المدينة أو علاقات الصحابة أو هجمات الأعداء وأطماعهم بالإضافة إلى مدرسته المتفردة في إدارة تجذبات السياسة ودهاء الحكم وحكمة القرار وبعد النظر فيه وقراءته الواعية للشخص الذي أمامه وإنزال الناس منازلهم।كيف لم نتعلم منه فنون التفاوض وأسرار كسب القلوب وسحر الابتسامة التي لا تفارق محياه والرقة في العبارة وآداب الإنصات والرقي التعامل مع الآخرين والإحسان لهم وإغاثة الملهوف ونصرة المظلوم واحتواء المذنب والعاصي والمقصر وتوجيهه بحب وعاطفة صادقة بعيداً عن أي عنف أو قسوة أو تشفي أو استبداد والتي أصبح بعض هذه القيم السلبية عنوانا ملازماً للبعض من أتباعه في هذه الأيام فأين الخلل ؟أين نحن من اهتمامه البالغ في قضية التخطيط الاستراتيجي طويل الأمد والذي يكفل الاستمرار والديمومة لأي مشروع حيث وطد علاقاته مع أبي بكر وعمر رضي الله عنهما حيث تزوج منهما , وعثمان وعلي رضي الله عنهما حيث زوجهما بناته, فتعمقت العلاقة ووضعت الأركان وأسست الأهداف والرؤيا واطمأن على حال الأمة من بعدة فالمشروع مستمر بجهود الأتباع الذين تحولوا إلى أعظم قادة التاريخ فلقد نهلوا السياسة والقيادة والإدارة من معينها ومنبعها ودمجوا القول بالعمل فنجحوا وتفوقوا فهل نتعلم معادلة النجاح ونطبقها ।أين نحن من فنون التحفيز والتشجيع والدعم المعنوي والذكاء العاطفي الذي زرعه في أصحابه وزوجاته وأتباعه فوزع الألقاب حيث الصديق والفاروق وحبر الأمة وترجمان القرأن وغسيل الملائكة وأمين الأمة وعائش والحميراء وسيف الله المسلول وذات النطاقين وريحانتا رسول الله الحسن والحسين وغيرهم كثير ।أين نحن من مدرسة السياسة والعلاقات الدولية والمحلية التي قادها حيث الاحتواء والدبلوماسية والدعوة بالتي أحسن , والحزم والإقدام والفصل في القضايا حينما يستلزم الأمر ذلك।أين نحن من السيرة الخالدة في التسامح والعفو و تغلب مصلحة الجماعة على الفرد وتقليل حظوظ النفس والتواضع وحمل هم الأمة ونهضتها وعزتها والبعد عن الحياة الأنانية التي لا تعكس إلا سوء خلقوا تربية وفراغ في العقل وضيق في الأفق।كيف كان أسلوبه الفريد لحل المشكلات وتصحيح الأوضاع ووضع الخيارات وترتيب الأولويات وإدارة الوقت وتقدير قيمة الحياة والبعد عن سفاسف الأشياء وتوافه الأمور والتي يغرق فيها جزء لا بأس به من أمتنا وأهلينا هذه الأيام فأصبح بعضنا يتففن في قتل الوقت ولا يستثمره ويعيش حياةً روتينية قاتلة بلا طعم أو رائحة أو معنى أو هدف غارقأ في القشور هاربأ من اللب ذو الدر المنثور ।كيف كان متفائلاً عليه الصلاة والسلام في أحلك الظروف ومستبشراً في أصعب المواقف يراهن على ماعند الله ويثق في مدده , ولا يقدم التنازلات حينما يقترن الأمر بالثوابت والمفاصل الهامة لحياة المسلمين ومستقبلهم ।لماذا لم نتطرق إلى الرسول الإداري ॥ هذا الجانب المهمش من السير ة رغم قوته وأهميته لاسيما ونحن أمة تعاني من تخلف الإدارة وسوئها وهي احد أهم أسباب تخلفنا عن الأمم الأخرى بطبيعة الحال فجزء من مشكلتنا هي في إدارة أنفسنا وإدارة من حولنا وما يقع تحت مسؤوليتنا وعليه فعلينا أن نفرق بين المدراء الحقيقيون والمنتفعون والمتسلقون في هذا الباب ।ولم يكاد هذا الإرث المحمدي الغزير أن يتلاشى حيث زرعه في صحابته وأهل بيته عليهم رضوان الله حيث فتحوا الدنيا به ونشروا القيم والأخلاق والفضائل والنجاح والعدل واحترام حقوق البلاد والعباد في كل مكان حيث منحهم المفاتيح الذهبية وخارطة الطريق لأي مشروع مستقبلي أين كان ومهما كان فسادوا وتسيدوا ।إن السيرة العسكرية هي جانبُ هام ولا شك في سيرة خاتم الأنبياء والمرسلين عليه أفضل الصلاة والسلام ولكنها لؤلؤه براقة من مجمل عقد فريد من اللآلئ الجملية والجذابة هو عقد السيرة المحمدية الشريفة الكامل التي أضحت منهج حياة ومشروع سعادة ومدرسة أخلاق ومحضن قيم ومنتهى المنطلقات, لحياة أفضل على الدوام في جميع المجالات والاتجاهات ।لقد ظلمنا السيرة النبوية الذهبية مرتين , أولهما حين غطينا جزء وغفلنا عن أجزاء و تجاهلنا دررها وكنوزها ولم نكلف أنفسنا حتى التوقف أمام عبرها ومغازيها وهي موجه لنا نحن تحديداً وما أحوجنا لها في هذه الأيام , وظلمناها مرة أخرى حينما قدمنها بقالب ممل وركيك ,بعيد عن التشويق والإبداع في التناول والطرح والتجديد في الأساليب و الذي يكون عبر رسم صوره درامية ملهمة تزرع وتغرس في الأذهان وتؤثر في النفوس وتقّّوم النشئ وتقيم الحجة وتصلح من الحال الذي أصبح بقاؤنا عليه ضرباً من خيال وقبولنا له محال في محال .لنا أن تمنى ونحلم أن نغوص في بحرها و نبدع في طرحها ونتمز في وصلها وإيصالها إلى المتلقي المتشوق كثيرًا لهذا الطرح الشافي والكافي لكل جوانب الحياة بالإضافة إلى حرصنا على حسن الإتباع والاقتداء الذي من اجله جمعت وصنفت وأصّلت عبر جهود بشرية جبارة فلماذا نحن منفصلين عن هذه المرجعية وكأنها لا تخصنا !!"تأصيل "قال الله تعالى { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُواْ ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيراً }روى ابن ماجه عن العرباض بن سارية قال: وعظنا رسول الله موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقلنا يا رسول الله إن هذه لموعظة مودع فماذا تعهد إلينا؟ قال: " قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وعليكم بالطاعة وإن عبدا حبشيا، فإنما المؤمن كالجمل الأنف حيثما قيد انقاد." قال الشيخ الألباني : صحيح.قال المناوي في فيض القدير شرح الجامع الصغير:(قد تركتكم على البيضاء)وفي رواية عن المحجة البيضاء وهي جادة الطريق مفعلة من الحج القصد والميم زائدة .
بقلم / سلطان بن عبدالرحمن العثيم
مدرب ومستشار معتمد في التنمية البشرية وتطوير الذات
عضو الجمعية الامركية للتدريب والتطوير अस्त्द

الأربعاء، 13 أكتوبر 2010

الصفحات المحجوبة في الصراع الإسلامي الليبرالي !!


الصفحات المحجوبة في الصراع الإسلامي الليبرالي !!
" تحليلات واقعية وتنبؤات مستقبلية "سلطان بن عبدالرحمن العثيم
مدرب ومستشار معتمد في التنمية اليشرية وتطوير الذات ّ
عضو الجمعية الامريكية للتدريب والتطوير
صفحتي على الفيس بوك
تعالت الأصوات وكٌتبت المقالات وجاءت الردود وبنيت السدود وبدأ التترس وكان الاصطفاف ونصبت الأعلام وبدأ الحذر جليا هنا وهناك .. أفكار متناثرة وأطروحات متباينة وحراك فكري وثقافي كبير , اقعد النائم وأسهر القاعد وحّير العقول فتساءلت إلى أين المسير وأين سوف تكون الجهة والوجهة والتوجه ؟هذا هو عنوان المرحلة الفكرية والثقافية والدينية والحضارية التي تعيشها منطقة الخليج حالياً فهناك مشروعان حضاريان يتشكلان ويأخذان مواقعهم لقيادة الأمة والوطن إلى الأمام وربما إلى الخلف فالتقييم يكون بعد نهاية العمل والحكم بعد المداولة والقول الفصل حينما تحط هذه المرحلة رحالها وتسكن رياحها .. ويبين أنحن خلف القطار أم مع القطار أم دهسنا القطار !!
أولى هذه التيارات هو التيار الإسلامي بجميع أطيافه وتكتلاته والتي يبرز منها التيار السلفي والاخواني والتبليغي والصحوي والإصلاحي و المستقلون وغيرهم وهو تيار شعبي بامتياز وله بهذا نفوذ كبير بحكم أطروحاته ومنطلاقاته وتاريخه ومرجعيته والخدمات المختلفة التي يقدمها للمجتمع ونزوله إلى الميدان بشكل قوي ولافت , ولكنه ليس تيار رسميأً على الأغلب فهو يكاد يكون مبعداً عن مؤسسات الإعلام الرسمية في الدول المختلفة خصوصاً في الصحف والتلفزيون بالإضافة إلى بعده عن المطبخ السياسي والاقتصادي والاجتماعي في الإدارة العليا وموطن صناعة القرار , حيث يلعب هذا التيار هنا دوراً استشارياُ تكميلياً على الأكثر ولكن لا يدخل في صلب وضع التوجهات ورسم السياسيات و إقرار الخطط والاستراتيجيات , ولكنه ينفذ ما افرزه هذا المطبخ فعليه التذوق ولكن ليس عليه الإعداد !!
وعلى الجانب الآخر يكون التيار الليبرالي و هو التيار الفضفاض جدًا في هذه الدول وهو بلا هوية واضحة أو إيطار متشكل , فهو خيمة تحتوي الكثير من الألوان والأطياف فهو خليط من مجموعة من المثقفين والاكاديمين الذين تخرجوا من جامعات غربية على الأغلب والعلمانيين والعقلانيين وجماعات المصالح والرأسماليين بالإضافة إلى الشيوعيين والاشتراكين والقوميين سابقأً والذين سقط مشروعهم و تخندقوا تحت هذه العباءة وانطلقوا من جديد عبر اعتلائهم هذه الموجه الجديدة فهم أهل خصومة تاريخية مع التيارات الإسلامية وبالتأكيد سوف يكونوا في المعسكر المناوئ لهم .
هذا التيار رغم قدمه في المنطقة وتلونه بمسميات مختلفة إلا انه لم يحظى بأي شعبية رغم إطلاق يده في وسائل الإعلام بشكل غير محدود ولافت وبعض الأجهزة والمحافل الثقافية والأدبية والتراثية حيث يتمتع هذا التيار بنفوذ كبير داخل المؤسسات الرسمية فهو تيار نخبوي بامتياز , لكنه لا يتمتع بأي عمق اجتماعي أو حضور شعبي على الاطلاق وهنا يتضح انقسام المجتمع الذي يعتبر اشكالية كبرى من اشكالية مشروع التنمية والتطور الحضاري والاجتماعي والاقتصادي وهو احد التحديات الهامة لأي مشروع نهضوي يحتاج الى اتساق النسق العام وتجانس اطرافه وتعاون أركانه !!
ويفسر هنا غياب الشعبية عن التيار اللبرالي فيما يبدو لي لعدم تجانسه واتساق طرحه وغياب الأرضية الصلبة التي ينطلق منها وتبعثر توجهاته وارتباك رموزه وغياب مشروعه الحضاري المتكامل واكتفاءه يتصدير الآراء الشخصية والتأملات الفردية وتقديس قوى العقل والمنطق وتقديم العقل على النقل رغم أن القاعدة تقول أن العقل السليم يوافق النقل السليم ناهيك عن ضياع طاقة هذا التيار في مناكفة الإسلاميين واستفزازهم والإسراف في الحديث عن قضايا اعتقد رموز هذا الفكر انه سوف تجلب لهم الشعبية مثل حقوق المرأة والحريات والعدالة والمساواة وسيادة دولة القانون والنظام وحقوق الإنسان والتحّضر والدولة المدنية وتقديم نفسه كمنقذ للمجتمع وصانع للتغير , ولكنه وقع في فخ كبير وهو أن المجتمعات لا تحب مشاريع التحضر والتمدن المستوردة بالكامل من الخارج وتفضل الحلول المنطلقة من البيئة المحلية أو الإقليمية والتي تصنعها بسواعدها وتكون من بنات أفكارها ووليدة حضارتها وقيمها !!
وهنا يؤكد ذلك الله تعالى حيث أرسل كل نبي بمشروع تغير لقومه ولم يرسل نبيا برسالة إلا بدأ بقومه فيصدقوه ويؤمنوا به وهي طبائع اجتماعية جبل عليها البشر من أن خلق الخليقة قال تعالى : وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم .سورة إبراهيمورغم كل شئ , سقط كل ذلك حيث أصبح هذا التيار متفرغاً لإسقاط الاسلامين ووصفهم بالتخلف والرجعية والتحجر والانغلاق والتطرف , وأنهم هم العثرة في طريق الحضارة والتقدم والنهضة والترويج للشعارات البراقة التي سقطت عند أول ممارسة عملية حيث دخل هذا التيار في قضايا أبرزت الأزمة التي يعيشها فهو يعاني من فوبيا الاسلامين والدولة الشرعية والنظام الإسلامي والاحتكام إلى الشرع والمشروع العقدي والظاهرة الأممية والتدين الفردي والاجتماعي , والصحوة ورموزها , واضحي يحارب ذلك كله بهيجان افقده صوابه .
وعندها زاد ذلك السقوط قسوتاً عبر التناقض بين شعار الحرية والعدالة وتعادل الفرص بين الناس والتي يرفعها هذا التيار بين الحين والآخر وبين ممارسات الإقصاء والتحيد والإسقاط المستمرة خصوصا عبر أجهزة الإعلام التقليدية التي يسيطر عليها وهذا واضح من خلال إبراز شخصية المتدين في الدراما الخليجية حيث يظهر دوما بالشخص المتجهم و الرجعي و المضطرب , القاتل للإبداع والرقي والتحضر والهارب من كل متع الحياة والمنكفئ على نفسه , ناهيك عن المقالات التي تكتب يوميأ وتساند هذا الطرح بالإضافة إلى البرامج الوثائقية التي تتحدث عن بعبع الإرهاب وخطر الاسلامين الكبير على المجتمعات !!
وأصبح يضع جل ثقله في أمور لا تمثل أهمية لدى السواد الأعظم من الناس الذين يريدون حلولاً لمشاكلهم الكبرى كتهديد الهوية وتأثيرات العولمة وزعزعت القيم والفقر والبطالة والعنوسة والفساد والانحلال الأخلاقي والجهل والأمية و غياب الوعي ومشاكل الإسكان والصحة والتعليم و البنية التحتية والخدمات و الحريات العامة والعدالة الاجتماعية وتساوي الفرص , وليست القضايا الشكلية للمرأة وليست الجوهرية كقيادة السيارة والسفر بلا محرم وممارسة الرياضة من عدمها ولبسها وزيها ومشاركتها في الالومبياد وسباقات الفروسية وغيره !!
ناهيك عن مواضيع أخرى مثل وحقوق الأقليات إلي حسمت قبل ألف وأربع مائة عام وتوحيد الأذان وإغلاق مكبرات الصوت في المساجد وعدم اغلاق المحلات وقت الصلاة وغيرها بالإضافة استيراد النماذج الغربية والتسويق الدائم لها وكأننا امة همل بلا قانون أو مرجعية خصوصاً في الأصول والثوابت ناهيك الترويج الدائم للنمط الغربي في الحياة العامة والخاصة وتلميعه واعتباره النموذج المثالي على الدوام !!
وعلى الجانب الآخر تكمن مشكلة التيارات الإسلامية في الخليج في عدة قضايا فرغم الحضور الاجتماعي الكبير والقبول في أغلب الأوساط الشعبية والملاءة المادية وتوفر الكوادر وتنوع الأنشطة ووجود الحماسة والإقبال .. إلا أنني اعتقد أن الانشغال بالردود والصراعات الفكرية مع الخصوم أكثر من الانشغال بالبناء والعمل والتنمية البشرية والفكرية وتطوير وبناء الانسان التي هي أساس أي تنمية شاملة تقوم بعد ذلك بالإضافة إلى ضعف الإعداد للمشروع النهضوي الذي يعتبر العمل فيه ومن أجله تعبد لله لا يقل أهمية عن المكوث في المساجد والانقطاع للعبادة والذي يعتقد البعض مخطأ انه جوهر الدين وأساس الصفاء الروحي والرضى الإلهي !!كما تطل مشكلة غياب الرؤيا المستقبلية والتفكير الإبداعي في مشروع النهضة والتخطيط الاستراتيجي لهذه الأعمال التي تمثل حجز زاوية الدين والتدين و الذي جاء كمنهج حياة كامل وليس طقوس مفرغة من أي مغزى ومعنى
.وتظل هنا مشكلة التفكير الكلاسيكي محاصرتاً جل المشهد الإسلامي حيث توجه الطاقات في الجهود التقليدية واليومية سواء في الوعظ والنصح والإرشاد أو العمل الخيري التقليدي المفرغ من أي نشاطات إنمائية مع إهمال الاهتمام والتركيز على العمل الفكري وتأسيس القناعات الايجابية والإعداد الاحترافي للعمل الإداري والقيادي والتنوع المعرفي والقراءة الشمولية للمواقف والأحداث والعمل الجاد والتعاون مع الجميع والانفتاح على جميع التيارات الفكرية واحتوائها قدر المستطاع وتطبيق مبدأ
" تفاعل بلا ذوبان وخصوصية بلا انغلاق "
والتركيز على القواسم المشتركة في الدين والمواطنه والمشروع الحضاري المشترك الذي سوف ينهض بنا جميعاً , بالإضافة التخلي عن التخوف من الجديد والحديث والمعاصر والبطء في التغير الايجابي والمواكبة بل الحرص التام إعادة صياغة الخطاب الديني وجعله خطاب تقدميأ يجمع الأصالة والمعاصرة وهنا تكون العودة إلى قيادة الركب من جديد وريادة العالم وهو التحدي اللذيذ في مشروع الرقي والتطوير لهذه الرقعة الهامة من العالم والتي يقبع تحت أرضها قرابة نصف ثروة العالم ناهيك عن الموقع الاستراتيجي والمقدسات والتاريخ الملهم .
هنا يكون هذا التيار مؤهلاً لقيادة المنطقة خلال الفترة القادمة إلى مشارف المستقبل المزهر بكل احترافية وثبات فهو الصوت الذي يأتي من الداخل وليس من الخارج وهو الذي إن استطاع التعاطي الايجابي مع المرحلة ومعطياتها ومتغيراته مستفيداً من تأملات المخاض السابق وتجلياته فلن يكون هذا الدين ومنطلقاته ومقرراته صالحه لكل زمان ومكان إنما مصلحة لكل زمان ومكان .. فهو صوت هذه الأمة وصدها وتراب هذه الأوطان وسماها والأب الحاني على جميع أبنائه , يضلهم بكل حنو وتسامح وعطاء ورقي .

الثلاثاء، 5 أكتوبر 2010

للجادين فقط ..


للـجادين فـقـط .. هي للجادين فقط .. نعم لهم وليست لغيرهم .. ليست للمتلاعبين والمترددين والمسوفين والمؤجلين والمتخاذلين والمهزومين .. إنها للجادين دون سواهم .. إن لم تكن منهم فلا تتقدم .. وان لم تكن بينهم فتوقف عن المسير .. وان لم تكن من خلالهم فراجع حساباك الأخير وكن حراً محلقاً طليقاً بعد ما كنت أسير .. في مدخل الدنيا علقت وعلى بوابة الحياة نصبت .. للمارين والمغادرين أبرزت .. وللمسافرين والمقيمين وضعت .. إنها لوحة كبيرة هي سر الوصول والخلود وسر الرضا والصمود .. في عالم لا يعرف إلا الأقوياء الذي لهم بصمة في الأرض وثناء في السماء .
هي سر النجاح والتألق في مسرح الحياة الكبير وميادين العيش والكفاح المتنوعة وهي المفتاح الذهبي للأبواب الموصودة والدروب المغلقة والظروف الصعبة والتحديات الجسيمة والأهداف العظيمة والحياة الكريمة . إنها الحياة الحالمة المتوهجة المبتسمة التي لا توهب إلا لمن أدرك أن الدنيا ومسلكها وكنوزها هي للجادين فقط .. إنها اللوحة التي علقت في الطرقات والميادين والأسواق والأندية وعلى بوابة الزمن ومحور التاريخ وإرث الحضارة .. قرأها وعمل بها من قدره السعد والفرح والسرور .. وتجاهلها من اهلك ذاته وذريته وذراريه بعجزه وكسله واستسلامه وضعفه وقلة حيلة .. وتفننه في الشكوى والتشكي ولوم الزمان والعتب على الأصحاب وهجاء الأهل والتشاؤم من الغد والتباكي على الماضي والتوجس من الحاضر !!
فاته ما فاته من كان بائع كلام لا يطبقه وأقوال لا يعمل بها .. وخاب وخسر من تعاطى مع الحياة بمنطقة الحظ والمصادفة فمعادلة الحياة لا تعرف إلا الجادين والطموحين والمبادرين والايجابيين .. هم من يكونوا في المقدمة دوماً وهم بالطبع من يقطف أكثر الثمار لأنهم أول الناس وصولاً للبستان . ولعلي هنا أتطرق إلى إشكالية واضحة للعيان بلا برهان .. وهي تأثير الطفرة النفطية في منتصف السبعينات على مواطني الخليج العربي وعلى سلوك المواطن الخليجي ومسلكه وقناعاته .. وتصرفاته وتفكيره وليس الكل ولكن في الغالب منهم .. حيث أضحت الراحة مقدمة على العمل والاسترخاء على الجدية والإجازة على الإنتاجية والإتكالية على الانجاز واللامبالاة على الإحساس بالمسئولية والهموم السطحية والشكلية على جوهر الحياة ومضمون الرحلة الإنسانية العظيم .. وأصبح بعض أفراد هذه المجتمعات رغم ما يتوفر لديهم من إمكانيات مميزة ومغرية ومنافسة على اغلب الأصعدة على مستوى الفرد والجماعة للنجاح والتألق في الحياة ومدارجها الطويلة .
إلا أن الهمة عند البعض خارت والعزيمة ضمرت والقشور سيطرة والمظاهر طغتوأصبحنا نذهب إلى الاستراحة لنستريح من الراحة ذاتها ونستزيد منها بعد يوم ربما مر عادياً بلا انجاز أو تطور أو عمل .. وأصبح الشوارع والميادين والأسواق مكان للدوران والتسكع وقتل الأوقات بدل استغلالها واستثمارها عند الجنسين بالإضافة إلى ارتياد المقاهي الهابطة التي يقدم فيها الموت بطعم الفراولة حيث يحتضن فيها البسطاء الشيشة وينفخون في الهواء بكل غباء عبر عمل متسلسل يودي إلى الفناء !! منقصين من أعمارهم ومهدرين لتاج الصحة الماسي الذي زين رؤوسهم حتى لو أن احدهم زار أحد المستشفيات لبعض الوقت ورأى من سلبت منهم قّوتهم وصحتهم وقدرتهم على العيش لما مر من أمام هذه الامكان اطلاقاً .. وفضل اقتناء كتاب يفيده أو علم يطلبه أو مارس رياضة تقويه أو كتب مقالا يعليه أو جالس الأخيار وأطعم الأبرار وانشغل بالرصين والقيم من الأفكار .
وعلى النقيض تمام تجد جيلأ محافظاً على الميزة المميزة لجيل الآباء والأجداد وهي العيش بجدية وانضباط وحماس وإقبال وتقدير قيمة الحياة وفرصة العيش واحترام الأوقات وتثمين الأعمار .. وإعطاء الأمور مقدارها .. ووزنها في ميزانها الطبيعي والإقبال على كل أنواع الأعمال الحرفية والمهنية والتجارية والزراعية والصناعية والابداعية بلا كلل أو ملل والحرص التام على أداء كل الأعمال بلا قيد أو شرط وتقديم العمل الحر ذو المتعة و البركة والمنفعة على العمل الوظيفي ذو الروتين والدخل المحدود ومن هنا اجزم بأننا أمام فرصة تاريخية كبيرة حيث توفر العلم الذي حرم منه الأولون وتيسرت الأسباب والسبل وبذلت التجارب والأفكار والآراء السديدة وتنوعت وسائل الدعم والمؤازرة واستقرت الأوضاع واستتب الأمن ولم يبقى علينا إلا العمل الجاد واستغلال الفرص الذهبية من حولنا على جميع المستويات لتحقيق مشاريعنا الحياتية على كافة المستويات وتحقيق كافة الطموحات بعزم لا يلين وهمة لا تهين وأهدف سامية لن تستكين .. وهنا اطرح تلك القصة التي تعتبر منهاجاً في العزيمة والإصرار والعيش بجد وجدية والفوز بلذة الوصول وتحقيق المأمول حيث "كان هناك شاباً صغيرا ً حاول أن يحفظ الحديث ,وحاول ,لكنه فشل أن يكون كغيره من الفتيان الذين حفظوا الكثير من الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ,لقد كاد اليأس أن يتمكن من قلبه وكاد الفشل أن يلاحقه طوال حياته .

قرر يوما ً أن يمشي بين بساتين القرية ,فأخذ يمشي طويلا ًواليأس قد أحاط بقلبه وعقله فاقترب من بئر في وسط بستان ,فجلس قربها وراح يفكر ,وفي أثتاء جلوسه قرب البئر لاحظ أن الحبل المعلق في دلو البئر قد أثر بالصخر الذي يحيط برأس البئر وقد فتت الصخر من كثرة الإحتكاك صعوداً ونزولاً,إذن هو التكرار والزمن .
فقرر هذا الشاب أن يحاول مرة ثانية في حفظ الحديث وعاهد نفسه أن يحفظ الحديث حتى لو كرره 500 مرة ,فمضى يحاول ويحاول ملتزما بعهده ,حتى كانت أمه تملُ من تكراره وترحم حاله ,ومع مرور الزمن وقوة الإصرار والمثابرة ,استطاع أن يحفظ القرآن ويفتي الناس ويدرس وعمره دون العشرين ,فألف التصانيف والمؤلفات الكثيرة ,واستحق لقب شيخ الإسلام وإمام الحرمين ,..
إنها قصة الفقيه الموسوعي..(أحمد بن حجر الهيثمي)
انه قصر الجادين المخلصين الصابرين الذين لا يكلون ولا يملون .. ولا يتفننون في الدلال لأنفسهم أو لذويهم فالدلال المبالغ فيه قاتل للنفس والروح والعزيمة ومهلك للمال وللولد .. يحول الإنسان إلى كائن مشلول بلا منجز أو بصمة فعودوا أنفسكم على عمل أي شئ وكل شئ .. والصبر على ما لا تريد حتى تجد ما تريد .. وإياكم ورفع العلم الأبيض أبداً فهذه الدنيا ليست للأذكياء فقط .. إنما هي للجادين من البشر أهل الصبر والظفر .. فلا تفوتوا الفرصة في القعود وطلب العون من الله بلا عمل .. والدعاء في الليل بلا بذل للأسباب .. فهذا خلل لا يقع من عاقل وزلل لا يكون من إنسان ملئ بالمواهب والقدرات والطاقات والأطروحات والطموحات .. فبادروا وانطلقوا واعلموا أن طريق آلاف ميل يبدأ بخطوة .. وان كثير من الأعمال العظيمة كانت أفكار صغيرة وربما مجنونة في البداية لا يصدقها الناس .. وان نفسك إذا كيفتها على العمل الجاد وصعود الأوتاد تكيفت وأعطت وبذلت وأنتجت .. وعلى العكس إذا كيفتها على التمني والتشكي والركون والخمول والنوم بلا يقظة لن تستطع حتى القيام إلى صلاتك .. فهي أمانة فأحسن تربتها وضعها على أفضل الطرق واعزم وتوكل واعمل وانتظر الأخبار السعيدة فهي بلا شك على مقربة من بابك .. فترقب وابتسم وشمر عن ساعديك .
"تأصيل"
قال تعالى "هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور (15)الملك"
روى مسلم عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإذا أصابك شيء، فلا تقل: لو أني فعلت كذا، ولكن قل، قدر الله، وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان”
"محبرة الحكيم "
التدرج في أحوال الحياة وأعمال الإنسان عبر البدايات البسيطة والصغيرة والمتواضعة وانتقالها إلى منازل العظمة والكبر والتوسع والإنتاج هي من نواميس الكون الطبيعية التي جبل الله عليه البشر والكون .. وهنا تكمن سنة خلق السموات والأرض في ستة أيام ليعلمنا الله سبحانه معنى التدرج في أي مشروع من مشاريع الحياة المختلفة التي لا تصل إلى منتهاها وتكبر وتشع نوراً إلا بجدية وصبر وتفاءل وحسن إدارة وإيمان راسخ .
محبكم : سلطان بن عبدالرحمن العثيم
مدرب ومستشار معتمد في التنمية البشرية وتطوير الذات
عضو المؤسسة الأمريكية للتدريب والتطوير
مدونة نحو القمة
صفحتى على الفيس بوك
m/profile.php?id=100001540563184

الثلاثاء، 7 سبتمبر 2010

الإعلام العربي ..بين الفضيلة والرذيلة !!


الإعلام العربي .. بين الفضيلة والرذيلة !!

هو مشّكل العقول وموجه الآراء وطارح التساؤلات وسابر أغوار القضايا والأحداث .. كميراتهم تلاحق الأخبار.. ومراسلوه يتابعون التحولات والمسببات .. ومحللوه يفسرون المتغيرات وردود الأفعال ويطرحون النتائج والتنبؤات .إنه الضيف الذي يدخل بيتي وبيتك بلا استئذان ويبث الساعات تلو الساعات موجهاً الرسائل وراء الرسائل إلى كل أطياف المجتمع بلا استثناء وبلا استحياء .بكل ألوان الطيف يرسل ويبث ويخرج ما بجوفه كل يوم بل كل ساعة بل كل دقيقه ..ثقافات مختلفة .. وتوجهات متضاربة .. ومشاريع متضادة .. ولكن في النهاية كلهم يتنافسون عليك أنت .. نعم أنت وحدك ولا أحد سواك .هنا نقف نحن أمام عقول تستقبل وأرواح تتشكل وقناعات تصنع وثقافة ترسم وتوجه عام يراد من كل هذه المنظومة الكبيرة !!
تنقسم المجتمعات هنا وأمام هذه الأدوات إلى مجتمعات واعية وعميقة وبيدها الاختيار وتسيطر على كل مايدخل عقولها وتحرص دائما على الفائدة والنفع بالإضافة إلى الترفية والتسلية التي لا تضر , وأخرى مستسلمة لكل ما هب ودب من الطرح بل تابعة ومؤيداه لرأي المحيط الاجتماعي أو الأغلبية .. وهنا يكون أثر التسطيح وغياب الشخصية والخلفية الأخلاقية قد بان واستبان في اختياراتنا الإعلامية وممارساتنا السلبية لهذه النعمة الكبيرة التي نستطيع أن نصنع وننتج من خلالها الجيل المبدع والناجح والمثقف والمفكر والمخترع والمحاور البارع والإداري المميز والقائد الهمام والمرأة الصالحة النافعة للمجتمع والأب الفعّال والأم والإيجابية والمسئول الصالح والمواطن البار والمخلص والمقدر للمسئولية .
وهنا يكمن الاهتمام في تكوين الفلتر الداخلي و جهاز الاستشعار الشخصي لكل فرد منا .. حيث أن اختياراتك الإعلامية هي عنوان عقلك وحياتك ومستقبلك ونتاج أسرتك .. فكل ما كان الاختيار رصينا وعاقلاً ومفيداُ كلما كانت الإضافة كبيرة والمردود عظيم والمستقبل مزهرا بأذن الله والعكس صحيح , فلن تقارع الأقوياء والحكماء والعظماء والناجحين والبارزين والمتألقين في كافة الميادين وأنت تضيع وقتك أمام ما لا يسمن ولا يغني من جوع من البرامج الهابطة والساذجة والسطحية التي تخاطب شهواتك ونزواتك وغرائزك والمراهق الذي بداخلك الذي لن يموت إلا إذا أعلنت الرشد بنفسك وكنت حازما في ذلك .
وهنا سوف تكون أفضل الناس حالاً وأحسن أقرانك مقالاُ واهلك فكرا وحياتاُ .. فكلما حرصت على ما يخاطب عقلك المتشوق للعلم وروحك المتشوقة للإيمان وحياتك المتشوقة للبصيرة و حسن الإدارة وعلو الهمة ووضوح الرؤيا وعظيم الطموح وكبير الأحلام ..أين أنت من هؤلاء ؟
وكيف هو حالك أمام هذا السيل من القنوات وساعات البث اليومية التي لا تفتر ولا تكل ؟أين أنت من إعلام متناقض يدعو إلى الفضيلة في النهار وينقلب داعياً إلى الرذيلة في الليل !!
أين أنت من قرابة 22 % من القنوات العربية هي قنوات رقص وغناء , وعرض للأجساد وتعليم للفساد وترويج للانحلال والعهر والعري باسم الحرية !!
أين أنتم من إحصائيات تؤكد أن الإكثار من مشاهد الجنس والمخدرات والعنف والتدخين والخمور في بعض الأفلام والمسلسلات والدعايات هي مقصوده لتطبيع النفس على ذلك وتعويدها عليه !!
أين أنت من محاولات التشكيك بالثوابت والمسلمات والعقائد والأخلاق والقيم وضرب طهر المجتمع وسلامة مقصده ومعاشه واستقامة حاله ومحتواه .أين أنت من برامج الاطفال الغربية التي حطمت براءة الطفولة واضحت تركز على ثلاثية مقيتهوهي الجنس والعنف والسحر والشعوذة والخرافية كما تؤكد الدراسات الاجتماعية والاعلامية بكل آسف !!
هل أنت المشاهد الرشيد العاقل الذي تبحث في اختياراتك عن من يخاطبون عقلك وقلبك وروح ووقت فراغك بكل سمو واحترام لإنسانيتك فالإنسان كرمه الله عندما خلقه ونفخ فيه من روحه ومتعه بنعمة العقل على سائر المخلوقات وسخره لعمارة الأرض بكل خير وإحسان وخلق واستقامة .. فإن حاد عن الطريق او انحرف سقط بشر أعماله وأفعاله .
ابحث عن كل من يحترم حياتك وأسرتك ومشروع عمرك و دينك وقيمك في الحياة وثوابتك التي لن تتنازل عنها لأحد .. وابحث عن كل من يخاطبك بخطاب أخلاقي راقي ولا تبحث عن من يريد أن يستغلك أو يستدرجك أو يسلب منك إرادتك فهي إن ذهب بعضها ذهبت كلك .. وشجع في من حول الاعتزاز بالقناعات الإيجابية في هذا الباب وأن يكونوا خط الدفاع الأول عن الفضيلة في كل مكان فهي صمام الأمان ولاشك .من محبرة الحكيم
"قديماً قال سقراط .. تكلم يا هذا .. أقل لك من أنت "
وحديثاً نقول ماذا تشاهد يا هذا .. أقل لك من أنت
سلطان بن عبدالرحمن العثيم
مدرب ومستشار معتمد في التنمية البشرية وتطوير الذات ّCCT
عضو المؤسسة الامريكية للتدريب والتطوير
صفحتي على الفيس بوك

الاثنين، 16 أغسطس 2010

دعونا نعيش ..




دعونا نعيش ..



لأننا على الأرض ضيوف إلى حين .. ولأننا نحب الفرحة والاستبشار ونكره الأنين .. نحاول الإبحار بين أطراف الليل و أناء النهار في ملكوت الحليم الغفار .. حيث تكمن في النفس تساؤلات كثيرة لا يمكن لأحد أن ينكرها أو يتجاهلها مهما كان .. وفي كل زمان ومكان يطرح ذلك السؤال الفيصل الدقيق وجوابه كما نريد كذلك واضح المعالم وبيّن الملامح وصادق المحيا وجميل الإطلالة لا تضليل فيه ولا أقنعة .
سؤالنا المركزي هذا اليوم




لماذا نعيش على البركة في أغلب الأشياء؟



ربما يكره البعض النظام والالتزام والانضباط ولا يحبذ إلا أن يعيش بعشوائية في اصغر الأمر وأكبره !!
وفي الجانب الآخر النمل والنحل مدرستان في النظام وهما كائننا لا يقارنان بالإنسان صاحب العقل المعجز والروح التواقة والقلب النابض بالحياة ولكن أين الخلل ؟



ومع إطلالة إجازة صيفة هي فرصة كبيرة لأصحاب الأرواح العظيمة والأنفس التواقة للجمع بين الاستفادة والراحة وهي ذاتها فرصة لأصحاب الهمم الخائرة والأنفس المهزومة للاستزادة من الراحة والنوم بلا حد أو عدد , فهم مجهدون جدا من تراكم الراحة والهروب من العمل والانجاز والتبرير عن الفشل الذي تلى الفشل والإسقاطات التي لا تنتهي عن ذلك السقوط والانهيار في عالم لا يعترف إلا بالواحد الصحيح ولا يلقي بالاً للأجزاء أوالهوامش أوالاصفار مع الأسف الشديد !!



من ارض الواقع إن أردنا أن نعطي إنسان ما موعداً فهو مفتوح بلا حد فنقول بعد العصر أو بعد العشاء ولا نحب تحديد ساعة بعينها وان كان بالأيام نحب أن نقول خلال الأسابيع القادمة وان كان بمشروع فالافتتاح قريبا وهي التي تمتد بنا لسنوات وان صرح المسئول فيقول الموضوع تحت الدراسة ويكون الحل بعد عقود وان حلت مشكلة ما شكلنا لها لجنة تجتمع لعدة أشهر وربما سنوات ولا نركز على المخرجات بل على الإعلام وصورنا التي يبثها كل صباح , وعلى الضفة الأخرى عندما انطلق نظام ساهر المروري وقامت القيامة لمن تعودوا على الفوضى وعانوا من حساسية من النظام وعليه أعلنوا الحرب العالمية الثالثة عليه وامتلأت المواقع وخزائن البريد الالكتروني بطرق التحايل عليه بكل أسف رغم أن خسائرنا من حوادث المرور أو إرهاب الطرق وفوضى الشوارع حوالي 20 قتيل يومياً بكل أسف وهي الأعلى في العالم !!



إنها ثقافة شعبية خطيرة جدا تحارب النظام والانتظام والجودة والالتزام وتشرع للفوضى والضياع تسللت إلى المؤسسات والهيئات والشركات والوزارات والجامعات وأصبح التخطيط الاستراتيجي و الرؤيا المحددة و الهدف الواضح والنظام الدقيق والجودة في المخرجات والشفافية في القرارات من أصعب الأمور علينا , ونحن من أمُرنا بالإتقان والإجادة والانجاز والتفاني والإخلاص بكل صوره فأين الخلل ؟



قال صلى الله عليه وسلم " من عمل منكم عملاً فليتقنه"




"إنه ولا شك خلل في طريقة التفكير "



يحب بعضنا أن تسير حياته في بعض الأحيان على البركة أو بالأحرى يسيرها لنا الآخرون فما لم يحصل اليوم سوف يحصل خلال الخمس سنوات القادمة بكل تأكيد وما يواجهنا من تحديات سوف تحلها الحلول الشخصية والارتجالية والاعتباطية البعيدة عن الأسلوب العلمي والمنهج الفكري الرصين والشورى التي ذكرها الله في قرأنه الكريم بأفضل الصور وأجمل المقامات , وفي الجانب الآخر هناك الدور الهام للخطط والاستراتيجيات التي قامت عليها أعظم نجاحات الدنيا وأسمى ابد عات التاريخ , نريد النجاح على كل الصعد ولكن نخشى الاستشارة رغم أنها حضارة وهو سلوك محمدي رائع يجب أن نسقطه على واقعنا المعاصر ونتخلى عن إيماننا بأننا نفهم في كل شئ وأي شئ .



نريد أن نتقدم ونحب أن نتطور ونتوق إلى النهضة وهذا جميل و حسن ولكن ذلك كله يحتاج إلى عمل وجهد وصبر وثبات وعقيدة راسخة وقيم ايجابية ومنطلقات خّلاقة وأفق رحب لا يضيق , ننتقل معه نحن وأهلينا ومجتمعاتنا ومؤسساتنا وشركاتنا ومشاريعنا وأوطاننا , واقعنا وأماكن علمنا وعملنا من الفوضى إلى النظام والفردية إلى الكلية ومن الأنانية إلى العمل الجماعي ومن التنافر إلى التكامل ومن التخبط إلى التخطيط ومن المزاجية في القرار إلى التعقل والحكمة وبعد النظر ومن الهروب من النقد والتحسس منه إلى طلبه والسعي وراء التصحيح والتطوير مهما كلف الأمر .



ألا تستحق حياتنا أن تكون منظمة ذات معالم واضحة ومرسومة بلا تخبط أو اجتهادات تضيع العمر والعمل , ألا تستحق بيئات أعمالنا أو بيوتنا أن يكون لها سقف وأرضية وأن نعطي كل عمل حقة من الوقت والجهد والتفكير بدل أن تسيطر علينا ثقافة العيش بلا هدف والإنتاج على أي حال والبقاء للأقرب وليس للأكفاء و المجاملات السلبية التي لا حدود لها على حساب المصالح الكبرى والأهداف الرئيسية للحياة الإنسانية !!



ولأننا نتوق إلى التطوير والتقدم ونلحظ ذلك ولله الحمد في الكثير من المجالات وعلى مختلف الأصعدة وهذا مما يسر ويفرح .
اذكر هنا بعض المشاهدات الرائعة من المجتمع الياباني الرائد في النشاط والدقة واستغلال الوقت واستثماره والانضباط الحياتي الملفت للنظر حيث انه من العادات الرائعة هناك تقدير فرصة الحياة بشكل نموذجي حيث تجد 3 أشخاص يتشاركون في العمل على سيارة أجرة والهدف من ذلك هو الاستفادة الكبرى من هذه الثروة .حيث يعمل كل واحد منهم 8 ساعات عليها وهذه هي طاقته ثم ينوبه عليها الشريك الآخر وثم الثالث وهنا تكمن الاستفادة الكبرى من الفرصة والاستثمار الأمثل والذكي للوقت وتقديره كما ينبغي وكل ذلك يجرى بنظام وتنسيق عالي حيث تعمل السيارة 24 ساعة في اليوم والليلة .



من المألوف أن تجد اليابانيين يقرؤون في الشوارع وهم سائرون من عملهم إلى بيتوهم لأيمانهم بأنه لا يوجد وقت يهدر أو جهد يقتل إطلاقا ولا مكان للاستهتار واللامبالاة ناهيك أنهم من اقل شعوب الأرض أخذاً للإجازات أو تغيباً عن العمل بل أن العمل والإبداع فيه مقدسان هناك إلى ابعد الدرجات لإيمانهم باليابان كوطن وحضارة وتاريخ وانضباطهم فيه ومن خلاله وحبهم للنظام والالتزام والعمل الجاد والتفوق في كل المجالات وتقدير قيمة الحياة .



ومن الطرائف في هذا الباب أن احد الشركات حققت أرباح كبيرة فصرف لموظفيها مكافأة وإجازة يوم فقام الموظفون بمظاهرات حاشده طلباً لإلغاء هذه الإجازة والاكتفاء بالمكافأة .



إنهم رغم صغر دولتهم إلا أنهم أصحاب ثاني أقوى اقتصاد في العالم والقوة التي لا تقهر في الصناعة والتجارة والتكنولوجيا ولم يأتي هذا من فراغ أو حظاً عابرا كما يؤمن أهل الأحلام التي لا تتحقق , فهم لا يملكون موارد طبيعية إطلاقا باستثناء الصيد ولكنهم قرروا الاستثمار في الإنسان وجعله هو المورد الأهم والأبرز في كوكب الأرض بلا منازع ونجحوا في ذلك بكل تفوق .
إنها كفاءة مميزة ونتاج دقيق وحماس متوقد ونظام ملهم وخطط مرسومة ورؤيا طموحة و شفافية كبيرة وجهد عظيم وتحفيز لا ينتهي وإيمان وعقيدة عملية لا تكل ولا تمل وقبل كل شئ بالإيمان بأن الإنسان هو المورد الأهم و الأبرز على هذا الكوكب وعليه كان الاستثمار في تنميته وتطويره كبيرا جدا وكل ذلك أتى بأكله كما نرى .



إنها طريقة التفكير الايجابية والخلاقة التي تصنع الثراء والمجد والعزة وتضعنا على القمة دائما فهل ننفض غبار الروتين والحياة العادية المملة ونقبل على الإبداع والتجديد والتطور الدائم وهل نتخلص من طرق التفكير السلبية التي زرعت فينا الهزيمة والإحباط والقلق والتوتر وقلة الثقة في النفس وإدمان الشكوى والخوف من العمل والاستسلام لتحديات الحياة .
هل نعاهد أنفسنا على التخلص من الدكتاتورية في الرأي والعشوائية في القرار والتخبط في التنفيذ والمزاجية في الممارسة وتزكية النفس واتهام الآخرين والحساسية من النقد والآراء المخالفة.



هل نعاهد الله أولا وأخير على أن ندينه سبحانه في القول العمل بعيد عن هوى يحكمنا أوشيطان يسيرنا أو مصلحة ضيقة تسيطر علينا !!



أنها الحياة التي هي منحة الوهاب سبحانه فهل نعيشها كما اتفق وحيثما كان في استهتارولامبالاة, أم أن أنها تكون ساحة لعملنا القيم وطرحنا الرائع والتزامنا الكامل وإنتاجنا النير وصنيعنا المشّرف وبصماتنا الخالدة .



دعونا نعيش حياة جديدة جميلة براقة مشرقه مشعة , خالية من الملل والرتابة والسطحية , فيها الإقبال والإقدام والشجاعة والالتزام والانجاز والإعجاز ولنقدر قيمة الحياة وفرصة العيش ونعمة العقل والدين والصحة ولنعلم أنها فرصة لن تتكرر مرة أخرى فأعطي كل ما عندك الآن وابذل كل ما بوسعك بلا تردد أو كسل , فلا ليت تنفع ولا لعل تفيد ولا يمكن ليوم غابت شمسه أن تشرق من جديد , فالحياة أمامكم فانطلقوا .



"من محبرة الحكيم"
أشارة دراسة حديثة أن إنتاجية موظف القطاع العام في المملكة العربية السعودية لا تتجاوز حوالي 35 % فقط من وقت العمل الأساسي وهي ذات النسبة تقريبا في باقي بلدان الوطن العربي



محبكم / سلطان عبدالرحمن العثيم


مدرب معتمد في التنمية البشرية وتطوير الذات CCT


عضو المؤسسة الأمريكية للتدريب والتطوير ASTD










مدونة نحو القمة


الخميس، 5 أغسطس 2010

لحياة سعيدة وزواج ناجح , دعوة لحضور دورة عش العصافير






تنظم الجمعية الخيرية للزواج والرعاية الأسرية ببريده ( أسرة ) في الفترة من 27-29/8/1431هـ دورة بعنوان ( عش العصافير ) في قاعة الفلق للمؤتمرات والتدريب بجامع الإمام محمد بن عبد الوهاب بمدينة بريده .يقدمها أ / سلطان بن عبدالرحمن العثيموأوضح المدير العام للجمعية الدكتور محمد بن عبد الله السيف أن الجمعية تنتهج فكرة التدريب ثم المساعدة من أجل تثقيف المقبلين على الزواج بالحياة الزوجية ومقوماتها .وأشار إلى أن الدورة معتمدة من قبل المؤسسة العامة للتعليم الأهلي والتدريب التقني
السيرة الذاتية
ماجستير في ادارة الاعمال التنفيذية
EMBAمدرب معتمد في التنمية البشرية وتطوير الذات
CCTمستشار في القدرات وتطوير الذات في موقع عالم بلا مشكلات
كاتب ومشرف صفحة جدد حياتك في صحيفة العرب القطرية
عضو المؤسسة الامريكية للتدريب والتطوير ASTD
عضو متعاون في مشروع ركاز لتعزيز الاخلاق .
عضو المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا
عضو نادي النجاح clupsuccess
عضو اتحاد المدونين العربعضو الجمعية السعودية للإدارة سابقاً
مشرف نافذة الادارة والتطوير في شبكة الاسلام اليوم
مشرف منتدى التنمية البشرية والتدريب في منتديات الاسلام اليوم سابقاً
عضو متعاون في الندوة العالمية للشباب الاسلام
مشرف منتدى التنمية البشرية وتطوير الذات في منتدى بريدة
المشرف العام على مجموعة نحو القمة البريدية مؤسس مدونة نحو القمة
مؤسس نادي جدد حياتك
اهداف الدورة:
تهدف الدورة الى تهيئة المقبلين على الزواج وإعدادهم بشكل علمي وديني لحياة اسعد وأجمل وارقى بأذن الله .
رفع كفاءة الأزواج الحاليين وتزويدهم بالمنهج الرباني في العلاقة الزوجية والأخذ بالوصفة المحمدية في الحياة من واقع بيت النبوة الطاهرة
بث الروح الايجابية في المتدربين ورزع ثقافة الحب بين الأزواج وروح العطاء ورحيق المودة .
اعداد الازواج لكي يكونوا ازواج مثالين في ميدان الحياة ومربين مميزين لأبنائهم الذي سوف يكونوا وقود للأمة وقادة المستقبل ومبدعي المجتمع وعظماء التاريخ بأذن الله .
تهيئة العائلة لكي تزخر بالراحة والألفة والطمأنينة والتوازن النفسي والعقلي والجسدي فهي مصنع المبدعين الاول وأيضا قبر الفاشلين الاول
للتواصل والتسجيل /
3265054
دورة مجانية وبشهادات معتمدة
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى

السبت، 19 يونيو 2010

اردوغان .. الرجل الذي لا يحلم !!



أردوغان .. الرجل الذي لا يحلم !!






سلطان بن عبد الرحمن العثيم

مدرب معتمد في التنمية البشرية وتطوير الذات CCT

عضو المؤسسة الامركية للتدريب والتطوير ASTD






لطالما نظرنا نحن الأحرار إلى الغرب نظرة الانبهار.. وانبعثت منا وإلينا صور التبجيل والتطبيل لهؤلاء الذين يستطيعون فعل ما أقنعنا أنفسنا بكل حمق أننا لا نستطيع فعله.. وأن ذلك الغرب موطن الإبداع وأرض الاختراع و صانع القرار ومحور التحرك ومخزن الإستراتيجيات والأفكار والأطروحات والأخبار والعلم والانتصار، وكل ذلك حكر عليهم إلى يوم يبعثون!!


إنه الغرب الذي قدّسناه فتبعناه، وأغمضنا العين عن عيوبه الكبرى فبلعناه وهضمناه، وآمنا أننا لم نُخلق إلاّ للاستهلاك والاستجمام والراحة والدعة، فسلمناه خيوط الحياة وكل التجليات على طبق من ذهب، وقلنا له: سرْ ونحن من ورائك أيها الغرب الديموقراطي الحر الأبي!!


وجاء الانقلاب الأخير في خيوط اللعبة ليضرب هذه النظريات ومخترعيها ومن العرب والعجم، وأنه في هذه الأمة طاقات جبارة لا تكلّ ولا تملّ من التفكير والتدبير لنصرة هذه الشعوب وقضاياها، وأن الخير في هذه الأمة إلى يوم القيامة كما أخبر الصادق المصدوق عليه أفضل الصلاة والسلام.


هي سنة الحياة وسيرتها، تحوّلات وتموّجات، وصعود وهبوط، فضعيف الأمس هو قوي اليوم، وجبار اليوم هو صعلوك الغد، وصاحب الصوت النافذ في الماضي هو صاحب الصوت المستجدي في المستقبل!!


قال تعالى: (وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاس). [آل عمران:140 ].


لقد فهم الأتراك الدرس باكراً وتعاملوا بذكاء مع الأحداث، و قدّم اردوغان ورفاقه الإسلاميون الذين اختارهم الشعب التركي عبر صناديق الاقتراع لصدقهم وإخلاصهم وعدلهم ونظافة سجلهم من الفساد، وتطلعاتهم الإيجابية والطموحة لخدمة الفرد والمجتمع وتنمية الوطن وتطويره، واحترام خيارات الشعب وتطلعاته، والعمل الجادّ والمتفاني على جميع الأصعدة للصالح العام، بعد حكم علماني عسكري تغريبي موالٍ للغرب صاحب المصالح الضيقة، وهي ذاتها تطلّعاته المالية الجوفاء المفرّغة من أي قيمة أو خلق أو عدالة، وطموحه الاستعماري القديم، وهي في ذات الحال أهداف إستراتيجة موجهة إلى تركيا التي قدّم أهلها أعظم الدروس والعبر في طرح فكرهم الإسلامي التقدمي من جديد، ووضع أيديهم بأيدي المسلمين من العرب والأعراق والأجناس الأخرى، من أجل تكوين تحالف إستراتيجي يخدم قضايا هذه المنطقة الهامة من العالم، ويعيد إليها الرونق والهيبة من جديد، ويحقق أهدافها وتطلعات شعوبها وآمالهم المشروعة.


ولعل الكثير من المراقبين أعطوا إشارات هذا النجاح منذ زمن؛ فقد قفز الاقتصاد التركي إلى المرتبة الثامنة عشرة عالمياً، وازدهرت السياحة والصناعة و الاستثمار الخارجي، وانتهت الصراعات وعم الاستقرار، وحسّنت تركيا علاقاتها بشكل كبير مع جيرانها بعد توتر صنعته الحقبة العلمانية سيئة الذكر في تركيا، والتي تحول الأتراك على يدها إلى مهاجرين ولاجئين وفقراء وبائعين للشاورما والكباب، مضيعين لهويتهم، ومتخبّطين في مسيرتهم بعد أن كانوا أسياد الأرض، وزعماء التاريخ، وصنّاع الحدث، ولكن الله يعزّ من أعزّه وأعزّ دينه، ويذلّ من تخلّى وتقهقر وتراجع.
قال تعالى: (وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ).


أعاد الإسلاميون هيبة تركيا وقوتها وعنفوانها، كيف لا وهي صاحبة التاريخ المجيد في الفتوحات والنجاحات؛ فلقد توقف الجيش العثماني في العمق الاوروبي، وحاصر العاصمة النمساوية فينا، وفتح اليونان والبوسنه والهرسك وقبرص ورومانيا والبانيا , وحقق العثمانيون الكثير من النجاحات العالمية في العلوم والمعارف والسياسة والاقتصاد والنظام الاجتماعي والطرح الفكري والفنون والإبداعات المختلفة التي أضيفت إلى سجل المسلمين عبر التاريخ المجيد لهم، وأضافوا إلى الإنسانية الشيء الكثير.


إنها فرصة كبرى للتكامل والبناء الإستراتيجي الهام للعلاقات من جديد؛ فموازين القوى العالمية في تغيّر كبير وتحول متسارع والقارة العجوز "أوروبا" والولايات المتحدة الأمريكية في ضعف متراكم وسقوط متلاطم، والحضارة تتجه شرقاً كما نرى، وتحديداً إلى الصين والهند ودول النمور السبعة، بالإضافة إلى تركيا، وربما إيران، فهل ندرك حجم هذا التحوّل ونستغله ونستفيد منه على جميع الأصعدة؛ فالحياة فرص وما هو متاح اليوم قد لا يكون متاحاً في الغد؛ فالكل له مشروعه الحضاري والنهضوي، وحان الوقت لكي نعلن ذلك المشروع ونعمل من أجله، ونكون فعل لا ردة فعل ونصنع التحالفات الإيجابية التي تدعمه وتقويه لمصلحة الأجيال القادمة التي تريد أن تترك بصمتها الإيجابية والفاعلة على جبين العالم وخارطة البشرية، بعد أن عادت الشمس مشرقية من جديد.

الجمعة، 7 مايو 2010



" فنون وأسرار في التعامل مع ذوي الشخصيات الصعبة "





في كل مكان وزمان نلقاهم وفي ظروف متباينة نتعامل معهم هم حولنا وحوالينا لا معنا ولا علينا وربما علينا وليسوا معنا , هم بعض زملاء العمل وبعض الأصدقاء وجزء من الأقارب والأحبة والإخلاء وبضع من الجيران والمعارف .


يمثلون جزء هاماً من محيطنا المعيشي الذي يجب أن نتعامل معه بلا شك بذكاء اجتماعي وعاطفي شديدان من اجل أن يسير المركب وتأمن الرحلة وتتحقق الأهداف ونصل إلى المبتغى بأذن الله بغير خسائر أو تضحيات .الصدام معهم فقدان للطاقات ومضيعة للأوقات وانحراف عن الخط العام الذي ارتضاه الإنسان الطبيعي لنفسه هو خط البناء والاعمار , الطموح والسمو , العمل الجاد والارتقاء المستمر في كل مناحي الحياة .


هم ولا شك محطات في هذا الطريق لأنهم يشكلون جزء لا بأس به من الوسط الاجتماعي الذي نتعامل معه ويحيط بنا كل يوم وكل ساعة وكل دقيقة .
ولكن يجب ألا نتوقف كثيراً في هذا المحطات حينما نختلف معهم أو لا يعجنا سلوكم في الحياة أو تصرفاتهم في العمل أو المنزل أو لا تعجبنا ردود أفعالهم أو انفعالاتهم أو سلبيتهم أو مخالفتهم للسائد العام الطبيعي الإنساني الذي فطر عليه الإنسان وهو حب الآخرين والإحسان إليهم والتعاون معهم على البر والتقوى وعدم التعاون معم على الإثم والعدوان .


إنها الشخصيات ذات الطبيعة الصعبة حيث هي صعبة حينما نتعامل معها وصعبة حينما نريد أن نفهمها وصعبة حينما نريد أن نتعاون أو نتكامل معها !!


من هم ؟ وكيف اعرفهم ؟ وما هي طرق التعامل المثالية معهم ؟
إنها أسئلة يسألها العالم بأسرة من شرقه إلى غربة ومن جنوبه إلى شماله , فلا يخلوا منزل أو مكان عمل أو دراسة أو عش زوجية أو تجمع سكاني من الشخصيات الصعبة .
وهي كالتالي " الثائر أو الانفعالي , المتهكم , المتذمر , المحطم , المزاجي , الحساس , العنيد , المتردد , السلبي , اللامبالي , المحبط , الشكاك , المغرور , المراوغ , الغامض , المتحول , النرجسي , المتكبر , المنافق , المهمش للآخرين , الدكتاتوري أو المتسلط "
كلها نماذج تمر علينا ومن حولنا كل يوم قد تهدد حياة البعض وقد تشكل على البعض الآخر , قد نتوقف حائرين أمام هذه الشخصيات وهذه النماذج ولكن هناك عدة مخارج ومدارج وصنوف من الحلول المبتكرة والسلسة للتعامل مع ذوي الطباع الصعبة ومن هذه النصائح والأفكار :


1/ لا بد أن تتمتعوا بالثقة الكبيرة بالله أولاً وبأنفسكم ثانيا فهي الثروة الأهم في حياتنا فلا يسوؤكم حديث شاذ أو سلوك مشين أو تصرف مستنكر وضعوا دائما هذه الأمور الخارجة عن المألوف في حجمها الصغير واعتبروها مما طلبه الله عزوجل منا حينما قال سبحانه(خذ العفو، وأمر بالعرف، وأعرض عن الجاهلين)الأعراف 199.
2/ إذا كان شخصاً عزيزا ومقرباً فمن الأجمل والأكمل استخدام الصراحة والمكاشفة معه حول هذه السلبيات والإشكاليات التي قد تعكر صفو العلاقة وتسهم في تدميرها وسلب روحها البراقة .
3/ لا تعطي أحد الفرصة لك ينال منك أو يسئ إليك بشكل مباشر أو أن يهضم حقك وقم بالسيطرة على الوضع بحزم وابتسامه في آن معاً واحذر من فقدان الأعصاب أو الهيجان الذي يجلب الخسارة لك ولصحتك دائما واعلم أن الندم لا يبني بيتاً هدمه التهور وطالب بحقوقك بتعقل وثبات .
4/ عمق العلاقة دوماً مع الأشخاص المتوازنين أكثر والذين تستطيع أن تتنبأ بتصرفاتهم وانفعالاتهم وتوجهاتهم أكثر من غيرهم فهم باختصار كتاب مفتوح فالشفافية والصدق والصراحة أركان العلاقة الصحية والشراكة الإستراتيجية .
5/ كن مستمعاً جيدا للجميع ولا تقاطع واحتفظ بالكلام الواقعي والمنطقي والمؤصل والذي تقتنع فيه وفيه تكون المصلحة وغير ذلك من الأحاديث السلبية أو الأقوال المزعجة أو السلوكيات الغير متحضرة فلا تنسى أن لك أذناً ثانية فسارع بإخراجها بلا تردد . 6/ لا تشغل يومك وغدك , مشاعرك وأحاسيسك , فكرك وحياتك بتصرفات السفهاء أو الحاسدين أو الحاقدين أو الجهلة أو الناقمين أو أصحاب المصالح واحمد الله الذي ميزك بالعقل والحكمة والتوازن الروحي والنفسي والعقلي والجسدي وترفع عن هذه التصرفات ولا تشغل نفسك بها وعيش حياتك بسعادة وطمأنينة واتجه إلى هدفك بكل تركيز وإيمان .


7/ ارفع شعار التسامح والتغافل دائما في التعامل مع الآخرين وابتعد عن تصيد الأخطاء والعثرات خصوصاً في أي سلوك أو تصرف لا يسئ إليك إساءة مباشرة أو يلحقك منه ضرر لاسيما إننا إذا أدركنا أن المؤمن يجب أن يغلب جانب إحسان الظن بالآخرين والتعاطي مع الأخطاء البشرية الطبيعية و الغير مقصوده بواقعية وبتهوين للأمور وليس تهويل لها .


8/ خذ بيد الجميع وتعاون معهم بحب ورقي وساعدهم للتخلص من الإشكاليات الموجود في شخصياتهم وذواتهم وأفكارهم وأعطى ذلك الإصلاح حقه من الوقت والصبر والتحمل والتشجيع وسوف ترون الفرق بأذن الله .


9/ لا تغضب دائما من تصرفات هذه الشخصيات فهي في الغالب شخصيات مستفزه وقدّر إن هناك خلل ما يقع الآن , وبدل أن تفقد السيطرة على مشاعرك وأحاسيسك وانفعالاتك , بادر في إصلاح ذاتك أولاً ومن حولك ثانياُ بحب ورقي ومد جسور التعاون المثمر مع الآخرين وتعامل مع الأمور دوما بحكمة وتعقل وتبصر .


10/ كافئ الناس واشكرهم على تصرفاتهم الجيدة والحضارية خصوصاً المقربين منك وشجعهم دائما على أفضل الأقوال والأفعال وحفز فيهم دوماً تعلم الجديد من المهارات الاجتماعية الهامة وساعدهم على التمتع بالذكاء الاجتماعي والايجابية في التعامل مع الآخرين والإحسان إلى الجميع.


11/ الحوار البناء والهادف أساس من أساسيات النجاح في العلاقات الإنسانية والكل منا محتاج إلى الآخر للارتقاء سويا نحو المعالي فلا يوجد مكان للفردية والأنانية في عالمنا اليوم فلا بد أن ندرك أهمية التواصل البناء مع الآخرين رغم اختلافاتنا في الطباع والعادات والقناعات والتوجهات .


12/ أتقن فن الاحتواء وتدرب عليه , فمن الشخصيات من تحتويه بابتسامة صادقة وكلمة طيبة وإنصاتك له باهتمام وأخرى بالحب والعاطفة واللمسة الحانية وأخرى بكرم أخلاقك وتعاملك وبعضهم بصبرك وحلمك وتحملك وفريق بنصحك وإرشادك وصدقك طرحك .
13/ لا تستغل هذه الطباع السيئة في الآخرين لك تهاجمهم أو تعايرهم بل تعاون معهم للتقويم من أنفسهم وتبادل الخبرات والمعلومات في ما بينكم لحاضر مزهر وغدا جميل .


14/ ترفع عن توافه الأمور وصغائر الأشياء ولا تعيرها أي اهتمام فالأنفس الكبير هي التي تنزل الأشياء منازلها وتضعها في مكانها الطبيعي واعلم أن إضاعة الحياة في التوافه والتفكير فيها هو طريقك إلى عالم القلق والتوتر والاكتئاب والخوف والإحباط والفشل .
15/ لا حظوا أبنائكم وطلابكم ومن يقعون تحت مسئولياتكم وتأكدوا من أنهم لا توفر لديهم هذه الصفات والطباع الصعبة لأنها سوف تكون من حواجز النجاح والتفوق بكل آسف لهم في المستقبل وقد تسهم في فشلهم وتخبطهم في الحياة وإدخالهم في نفق مظلم لا يستطيعون الخروج منه .


16/ التقويم والتصحيح في بناء الشخصية وتغير القناعات إلى الأفضل والأجمل والأكمل ليس صعباً في هذا الزمان فإن كنت من أصحاب تلك الصفات وتلك الطبائع الصعبة فبادر بالتصويب والتصحيح والتنقيح عن طريق استشارة المختصين وحضور الدورات التدريبية المتخصصة في إدارة الذات وتنمية القدرات والتحكم في الشخصية وتطويرها والتخلص من القناعات السلبية والطباع السيئة وقراءة الكتب المتخصصة وزيارة المواقع الثرية ومتابعة البرامج الرائدة في هذا المجال وارفع على الدوام " شعار جدد حياتك دائماً "
ولا ننسى دوما ودائماً أن أكثر من 85 % من أسباب النجاح الشخصي والنفسي والعملي والاجتماعي يعود إلى التميز والرقي والتحضر والايجابية في التعامل مع الآخرين وكسب ودهم و بناء الحب والعلاقات المميزة معهم وان المكمل وهو 15 % لهذه النسبة المخصصة للنجاح والسعادة والطمأنينة في الحياة يعود إلى الذكاء والفطنة .وعليه قد تكون هذه الدراسات ثورة في عالم العلاقة حيث كان البعض يعتقد أن الذكاء والفطنة هما كل شيءواليهم يعود بعد توفيق الله كل سبل النجاح ومفاتيح التفوق وتحقيق الأحلام والطموحات .


ومن هنا أؤكد لك عزيزي القارئ أهمية السعي الحثيث في تطوير وتنمية قدراتنا ومهاراتنا في كل المجالات خصوصاً مجال العلاقات الإنسانية والتعامل مع جميع صنوف البشر وعقلياتهم وعاداتهم وقيمهم وتوجهاتهم بذكاء شديد وتقدير بالغ للتفاوت بين الناس في هذا الباب الحيوي والهام من أبواب الحياة العصرية والمتسارعة , ولنتخلق بأخلاق رسول هذه الأمة صلى الله عليه وسلم العالية والراقية والمثالية ونستفيد من سيرته العظيمة في هذا العلم الهام الذي اهتمت به شعوب الأرض قاطبة وأسست له معاهد خاصة حول العالم تعلم المهارات الاجتماعية وفيه تؤلف فيه مئات الكتب والآلاف الأبحاث والمحاضرات والدورات التدريبية وورش العمل والمؤتمرات رغبة في أن يستطيع الإنسان أن يفهم أخوه الإنسان وان يتعامل معه بإحسان واحترام ورقي ولباقة وان يتكامل معه ويتعاون بشكل إيجابي لخير الدنيا والآخرة ومصلحة الأجيال القادمة واللاحقة.



"شعرة معاوية"


قال معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وهو احد دهات العرب الأربعة عندما سأله أحد الأعراب: "كيف حكمت أربعين عاما، ولم تحدث فتنة واحدة بالشام بينما الدنيا تغلي؟"فأجابه: "إن بيني وبين الناس شعرة، إذا أرخوا شددت وإذا شدوا أرخيت "


"تأصيل"


وقال تعالى) وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً ( [الفرقان : 63].


"بصمة عقلية"


لقد خلق الله الإنسان بإمكانيات كبيرة وطاقات عظيمة ولكن هناك نقاط قوة ونقاط ضعف في كل إنسان و هي سمة من سمات البشر فإن أردت أن تتمتع بنقاط القوة فقط وتتخلص من نقاط الضعف فأحسن في فهم الآخرين والتعامل معهم ومن ثم إعلان الشراكة المستديمة والتكامل البشري الرائع معهم الذي يصنع المعجزات على جميع المستويات .


سلطان بن عبدالرحمن العثيم

مدرب معتمد في التنمية البشرية وتطوير الذات

عضو المؤسسة الأمريكية للتدريب والتطوير astd
sultan@alothaim.com

الخميس، 25 فبراير 2010

دعوة الى التوازن ..



دعوة إلى التوازن ..




سلطان بن عبد الرحمن العثيم
مدرب معتمد في التنمية البشرية وتطوير الذات
sultan@alothaim.com

http://islamtoday.net/nawafeth/artshow-58-128122.htm
الدماء تجري بعروقك، والقلب ينبض بجوفك، والهواء يخرج ويدخل إلى جسدك, تنام والمصنع الذي بداخلك يعمل فلا يتعطل التنفس، ولا الهضم، ولا الحركة اللاإرادية, كل ذلك بنظام مُحْكَمٍ، وتوازن معلوم، لخالقه حكمة عظيمة لأهل التدبُّر والبصيرة:

{وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}[الذاريات:21].
وفي الجانب الآخر السماء مليئة بالنجوم والأفلاك, والمجرات منتشرة في الفضاء كرذاذ الماء المتناثر, تراها حين تغيب الشمس عنك, وهي أيضًا تظهر على أخوة لك آخرين في الجزء الآخر من العالم, تضيء عليهم حياتهم, وتعلن بداية يوم جديد, مفعم بالحيوية والنشاط والطموح, وتغيب عن آخرين لتعطيهم الفرصة للراحة والاسترخاء والتأمل, بعد يوم حافل بالإنجازات والمسرات.
إنها توليفة ربّانية قدّرها مقدِّر الكون وفاطر السموات والأرض, لهدف سامٍ، وبُعْدٍ أخّاذ، ورسالة بالغة الحكمة، وهي "التوازن".
وعليه فإن رسالة الله للإنسان ومعشر بني البشر توحي وتركّز على معنى التوازن في الحياة بجميع تفاصيلها وأحداثها وجميع جوانبها وأركانها, الصغير من الأمور, والكبير من القضايا.

ولعل المتأمل المطالع في حال الأفراد والمجامع يرى بونًا شاسعًا بين كل الدعوات الربانية للحياة المتوازنة بجميع طقوسها وبين واقع البشر الحالي.وهنا يكون الاختراق قد وقع؛ حيث غياب الترتيب والتنظيم وعلم إدارة الأوليات, وهو من العلوم التي أصبحت ثقيلة في عصرنا الحالي, نظرًا لانقسام جزء كبير من الناس بين الإفراط والتفريط وبين الإهمال والإقبال وبين الإقلاع والإدمان, وهذه هي القصة, تتكرر على مرّ الزمان وعلى اختلاف المكان.
فالناس صنوف وأقسام, أشكال وألوان مختلفين لحكمة التنوع البشري الذي أراده الله, لتنويع الإبداع واختلاف الأعمال, والأدوار التي يلعبها كل عنصر منهم في حياته المحددة, فكل طرف محتاج للآخر بفعل قانون الكون والحياة الرباني.
وهنا نشير إلى نماذج سلبية لا تُحتذى ولا تُقتدى من أناس ركزوا على جانبٍ, أبدعوا فيه ولكن فشلوا في جوانب أخرى لا تقل أهمية عن الجانب محور الاهتمام, فكانت الحسرة والندامة, وكانت الأمراض والأعراض, ولكن لا يصلح العطار ما أفسد الدهر مهما بلغ الندم والحسرة.
فمنهم المقبل على العمل بلا رحمة وهو في الوقت ذاته مهمل للأسرة والعلاقات والترويح, ومنهم المهمل للعمل والمقبل على الأصدقاء والرحلات والترفيه والزيارات بكل صنوفها وألوانها.

وهناك الصنف الذي لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء فهو مهمل في كل شيء وأي شيء, ويعيش على هامش الحياة, حيث أعطى عقله وفؤاده إجازة مفتوحة, فقد أعياه القعود وأتعبته الراحة فهو عالة على مَن حوله ورقم ساقط في عالمه!!
وهناك المهتم بهندامه المهمل لصحته, وهناك المهتم بغذاء بطنه والمهمل لغذاء عقله, وهناك المهتم بغذاء عقله والمهمل لغذاء روحه, وهناك المهتم بزوجته وأولاده والمهمل لوالديه وإخوته, وهناك المهتم بعمله الخاص والمهمل لعمله الوظيفي, وهناك المهتم بيومه والمهمل لغده, وهناك الغارق بماضيه الغافل عن مستقبله, وهناك المهتم بالقشور والمظاهر والمهمل للب والمخابر, وهناك المهتم بالمال والمهمل للمصدر, وهناك المهتم بالمنصب المهمل للمسئولية, وهناك المهتم بالتنظير والوعود والمهمل للإنجاز والتنفيذ, وهناك المهتم بالنجاح والمهمل للقيم, وهناك المهتم بالحقوق والمهمل للواجبات!!
وهناك الصنف الأخطر على الإطلاق كونه يعتبر قمة في الإبداع الأسري والتميز الاجتماعي والتألق الوظيفي والحضور العلمي والسلوك الأخلاقي, ولكنه يحقق فشلاً كبيرًا وإخفاقًا عظيمًا مع خالق الساعة والدقيقة والأضحية والعقيقة سبحانه وتعالى.فهذا الإنسان ينفر من أي مظهر إيماني أو مسلك ديني أو عمل يتواصل به روحيًا ونفسيًا مع مركز الروح الدافئة وملجأ الإنسانية الباحثة عن الطمأنينة؛ وهو الحق سبحانه, فعلاقته مع جبار السموات والأرض ليست صحية وتُعانِي من السقم والضعف!!ولعل جميع هذه النماذج التي نطرحها هنا من واقعنا المحيط ومجتمعنا المعاصر, تعطينا مؤشرات خطيرة وهامة لغياب التوازن عن حياة أغلبية الناس؛ مما يهدّد بكوارث صحية واجتماعية ونفسية كبيرة، وهذا ما تأكده الدراسات العلمية المنشورة.حيث يؤكد خبير التدريب والتنمية البشرية العالمي الكبير ديل كارنيجي في كتابه الشهير "دع القلق وابدأ الحياة" أن: القلق المنبعث من غياب التوازن في الحياة هو القاتل رقم واحد في الولايات المتحدة الأمريكية, وأن ضحايا القلق والتوتر والاحتقان النفسي والاجتماعي في أمريكا أكثر من ضحايا أمريكا ذاتها في الحرب العالمية الثانية بحوالي ثلاثة أضعاف!!

ولعلنا حينما نفتح بوّابة غياب التوازن الشخصي والاجتماعي تطل علينا ظواهر فكرية خطيرة تؤكد حاجتنا الماسة إلى التمسك بعرى التوازن الروحي والسلوكي والفكري والاجتماعي بعيدًا عن التشدد والتزمت، وعلى النقيض من ذلك الانسلاخ والذوبان وغياب الهوية الإسلامية العظيمة التي يتشرف أي منا بحملها والعمل لأجلها.إن الحياة ميزان دقيق لا تعطي وزنًا أو أهمية إلا للإنسان المتوازن في حياته وتصرفاته وأرائه وعلاقاته وعمله وصدقاته وحقوقه وواجباته.فمن طبق تلك المعادلة الذهبية مع وَلِيّ نعمته سبحانه ومحيطه الأسري والاجتماعي والعملي فهنيئًا له بالصحة الجسدية والراحة النفسية والاستقرار المالي والاطمئنان الروحي والترابط الأسري والسعادة الدنيوية والنجاح الأخروي, فلقد لَبّى بشوق وهيام، وحب وغرام، وحماس واحترام، أهمَّ دعوة في حياته على الإطلاق وانطلق إليها باشتياق حاملًا أجمل الورود و الهدايا ألا وهي: "الدعوة إلى التوازن".

" تأصيل"
آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سلمان وبين أبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء متبذلة، فقال: ما شأنك متبذلة ؟! قالت: إن أخاك أبا الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، قال: فلما جاء أبو الدرداء، قرب إليه طعامًا، فقال : كُلْ، فإنِّي صائم، قال: ما أنا بآكل حتى تأكل، قال: فأكل، فلما كان الليل، ذهب أبو الدرداء ليقوم، فقال لمحاذاة إلى الوسطه سلمان: نَمْ، فنام، ثم ذهب يقوم، فقال له: نَمْ، فنام، فلما كان عند الصبح، قال له سلمان: قم الآن، فقاما فصليا، فقال: إنَّ لنفسك عليك حقًّا، ولربك عليك حقًّا، ولضيفك عليك حقًّا، وإن لأهلك عليك حقًّا، فأعطِ كل ذي حق حقه، فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرا ذلك؟ فقال له: (صدق سلمان)".
"بصمة عقلية "

التخبط في الحياة، والتيه في المعيشة، والانهيار الشخصي، والتذبذب السلوكي، والاختراق العاطفي نتاج غياب التوازن من عالمكم الخاص.

الأحد، 7 فبراير 2010

لماذا سقط الحسين من التراث السني ؟


لماذا سقط الحسين من التراث السني ؟

عرف الإسلام منذ الأيام الأولى قبل 14 قرن لانطلاقته كدين عالمي بتوازنه الكبير في طرحه ومنطلقاته النظرية والعملية فنظم العلاقة بين الروح والجسد وبين العقل والقلب وبين المنطق والعاطفة وبين الفرد والمجتمع .
وكان هذا التوازن حاضرا جليا في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وعهد الخلافة الراشدة من بعده في كل صنوف الحياة اليومية وتفاصيل المعاملات والتعاملات والممارسات المختلفة

ولأن هذه الأمة بنيت لبناتها على أساس صلب متين لا يحصر ولا يقهر , سيبقى ما بقية السموات والأرض كان حاضنا للإنسان مسايرا لتحولات الزمان وتقلبات المكان بكل مرونة وانسيابية عجيبة لا تكون إلا في دين الله الحق الذي جاء ليكون منهج حياة وعدل ومساواة و تنمية ورقي لا منهج بغض وحقد وحرب وطغيان ومؤامرات فهو حل وليس مشكله وهو بداية وليس نهاية وهو حلم وليس سراب حوله يلتقي الناس أفرادا وجماعات ومنه تنطلق قيم العمل والعلم والأخلاق والبناء والتقدم والوفاق والتسامح .

ولأن الحال في بعض الأحيان لا يدوم ولا يروم وقد تحدث بعض التحولات من هنا وهناك تكون متعارضة مع جوهر الدين ومقاصد الشريعة فالفتن من نواميس الكون وسنن الحياة البشرية ولكن تنجح الجماعات الإنسانية على اختلاف ألوانها وجنسياتها وأعراقها على تجاوزها بالإيمان والحكمة والتعقل وسيطرة القيادات الواعية والمدركة على المواقف الهامة والنوازل الطارئة .
ومع مناسبة هامه شكلت منعطفا تاريخيا هام في القرن الهجري الأول وهو قرن التأسيس والانتشار أو العصر الذهبي كما يحلو للبعض تسميته إلا وهو استشهاد الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب سبط رسول صلى عليه وسلم وحفيده وسيد شباب أهل الجنة مع أخيه الحسن رضي الله عنهما .

ابن فاطمة الزهراء رضي الله عنها أول من لحق بالرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الأعلى وأحب بناته إليه عليه الصلاة والسلام
وهو في ذات السياق ابن علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه ابن عمي رسول الله عليه الصلاة والسلام و أول من اسلم من الصبيان والخليفة الراشدي الرابع

كانت تلك الفاجعة في صبيحة عاشوراء من المحرم لعام 61 هجرية في ارض كربلاء (( كرب وبلاء )) جنوب العراق وهو متجه إلى الكوفة مع بضعه وسبعون من أهل بيته وأخواته وأبناء أخيه الحسن وغيرهم و كان جلهم من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاهرين الأبرار
حيث بايعه أكثر من 4000 من أهل الكوفة والعراق على الخلافة عوضا عن يزيد بن معاوية والذي كان محل نظرا وتحفظ الكثير من صحابة رسول الله وعلماء ذالك الزمان الأفذاذ.

كانت كربلاء منعطفا مهما في ذلك العام لما تمثله تلك الجريمة بحق الحسين وآل بيت رسول الله الأطهار حيث قتل الرجال الأتقياء وسبيت النساء الصالحات منهن حفيدات رسول الله صلى الله عليه وسلم ونسله الطاهر .
غابت شمس عشوراء ذالك اليوم الدامي حيث شربت ارض كربلاء دماء الأبرار الأطهار قبل أن يولي النهار في يوم أدمى قلوب المسلمين أجمعين .

لم يكن استشهاد الحسين بن علي عليه السلام الذي غادر المدينة إلى الكوفة رغبة في الإصلاح والتغير ووحدة الأمة ونهضتها وحمايتها من أي سوء إلا مفصلا هام من مفاصل التاريخ الهامة لهذه الأمة يجب أن يأخذ حقه من التحقيق والتدقيق واستنباط المعاني الهامة التي تجعل من المسلمين امة واحدة متماسكة يجمعها حب آل بيت الرسول عليه الصلاة والسلام وحب صحابة رسول الله الأخيار الأطهار فكلاهما أهل فضل بليغ وأصحاب مكان رفيع في الأمة الإسلامية وهنا نعود إلى فكرة التوازن في دين الإسلام واحترام وتقدير أهل الفضل والعلم والمكانة في الأمة فلهم الفضل بعد الله في تبليغ الرسالة وتنوير البشرية ونقلهم من الجهل المدقع إلى العلم المشبع
إن التطرق لهذه الأحداث التاريخية الهامة في هذا الوقت بالذات لهو غاية العقل والحكمة بل ينبغي تدريسها في مناهج التعليم وذكرها على المنابر ووسائل الإعلام أولى من دفنها وتجاهلها حيث يضن البعض إن تجاهلها كفيل بتجاوزها وهذا في غير محله حيث يحاول البعض إلصاق التهم هنا وهناك وإثارة الفتن هنا وهناك والاستفادة من استشهاد الحسين رضي الله عنه كمبرر سياسي للكثير من المشاريع التوسعية المستقبلية وإثارة القلاقل هنا وهناك

لاسيما أن أصحاب هذا التفكير مسكونين بفكرة الانتقام وإعادة الحق المسلوب ورد الأمور إلى نصابها حسب فهمهم المشوش للموضوع فهم يحاولون الانتقام من أكثر من 90 % من المسلمين لخطأ جسيم ولا شك حدث بحق أناس عظام , ولكنه خطأ مستنكر وتصرف فردي شاذ عن النسق العام لبضعة رجال انتقم الله منهم في الدنيا ناهيك عن حساب الآخرة فمات قاتلوا الحسين كلهم مقتولون بلا استثناء وإصابتهم الأمراض والاوبئه والإعاقات والعاهات لقاء صنيعهم الشاذ والمستنكر من أفراد الأمة وقياداتها .
فهذه الأمة تحترم رموزها وقياداتها وصفوتها وعلى رأسهم آل بيت رسول الله الكرام وصحابته الأطهار
وهم الذين على حبهم واحترامهم نجتمع ونتفق ونتعاون

وعليه فعلينا أن نعيد صياغة التاريخ بتوازن شديد نذكر زمن الاستقرار ولا نغفل زمن الفتن والمحن بحجة أن ذكر هذه القضايا أمر غير مستحب لدى البعض فالتاريخ كتاب كبير إبطاله أهل الشجاعة والقوة والمسئولية وللأجيال اللاحقة والغابرة حق في الاطلاع والمراجعة والمناقشة والحوار بكل شفافية وتجرد فلا يوجد ما يستحق أن يخفى لا على المستوى العقدي أو الأخلاقي أو الإنساني إذا آمنا أن العصمة للأنبياء عليهم السلام وحدهم وأيضا آمنا بأن الله هو المدبر والمسير لكل شيء وهو صاحب الحكمة في تلك الأحداث .

سأل احد الصحابة رضي الله عنه الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أعمى أن يعفيه من صلاة الجماعة في المسجد فرفض الرسول رغم المخاطر التي تواجه هذا الصحابي الجليل في الطريق رغبة منه عليه الصلاة والسلام في التمسك بالجماعة وبناء المجتمع المسلم من المسجد بناء جماعيا قوي موحدا ليس فيه غياب أو تخلف أو تقهقر حيث اراده كالجدار القوي المتماسك الشامخ البنيان والمعالم .

فهل تكون دماء الحسين الطاهرة رافدا من روافد الوحدة للمسلمين والتي تمناها الحسين رضي الله عنه مستوحيا من رسالة جده العظيم عليه الصلاة والسلام الرؤيا الإسلامية التي تؤكد على الوحدة والعزة والتعاون على البر والتقوى ونبذ الحقد والكره والغل ونشر الفتنه والشقاق بين المسلمين بحجة أن ذلك يرد الاعتبار إلى سبط رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو الذي نشئ في بيت السنة الطاهرة والعقيدة الصافية والمنبع الزلال وباسمه اليوم للأسف قامت الخرافة والدجل والتدليس ونشر ثقافة الحقد والغل والكره والانتقام والمزايدة على حب آل بيت النبي عليه الصلاة والسلام ولعن الصحابة عليهم رضوان الله وضرب الوجوه وتمزيق الأجسام والطواف على القبور وتحريف القران ودعاء غير الله والإشراك به فكم ظلم هؤلاء أنفسهم حينما لم يعرفوا ماذا كان يريد الحسين من استشهاده فرسالته واضحة ولكن فشلنا في التقاطها , فريق غلاء وانحرف على المنهج وغرد خارج السرب باسم الحسين وفريق حاول تجاهل الحدث والقفز عليه رغبتا في درء المفاسد وحقن دماء المسلمين .

ولكن طبول الحرب تقرع باسم الحسين الآن وآل بيت رسول الله الأطهار رغبتاً في إعادة إمبراطورية فارس إلى سابق عهدها عبر بوابة الحسين فهل يعود التوازن للمدرسة السنية وتبرز تراث آل البيت بشكل لافت مميز وطرح جرئ متعمق على جميع الأصعدة وفي جميع الأزمنة بدل أن يختطف تاريخهم إلى الأبد وتزل به القدم إلى مهاوي الرغبات السياسية والأهواء الشخصية والمصالح الضيقة فيكون مثل مسمار جحا يستخدم حين الضرورة للسيطرة والتحكم بخيوط اللعبة ليس إلا .

محبكم / سلطان بن عبدالرحمن العثيم
مدرب معتمد في التنمية البشرية وتطوير الذات
عضو اتحاد المدونين العرب
sultan@alothaim.com
مدونة نحو القمة

الاثنين، 18 يناير 2010

الرجل الذي غيّرالقارة !!


الرجل الذي غيّر القارة !!
أيام وأسابيع, ساعات و دقائق, ثوانٍ ولحظات هي الفيصل بين الحلم والحقيقة، بين الواقع والمأمول، وبين الماضي والحاضر و عتبات المستقبل الذي يأخذ جزءاً كبيراً من تفكيرنا وتركيزنا وطاقاتنا الذهنية والبدنية.نحب أن نرسم للأمام الخطوط، وننزع القيود، وننطلق في ملكوت الله، ونضع المسارات التي تحدد لنا مجرى قطار العمر السريع، والذي ينطلق بسرعة بلا محطات للتوقف والتأمل والتبصر على النفوس الخاوية ذات التركيز على السطح، التي لا تعرف طعماً للإنجاز ولا للإعجاز, ويمضي ببطء وتوقف بين المحطات الكثيرة للناجحين من الناس؛ فهم بطبيعة الحال كثيرو التتويج في محطات الحياة المتناثرة.
قفزاتهم كبيرة، وأعمالهم جليلة، وطاقتهم وفيرة، ونظرهم بعيد، وحلمهم سديد، وعمرهم مديد، وروحهم مشرقة براقة تلمع مثل اللؤلؤ، وتتأهب مثل أمواج المحيط لعناق الشاطئ والإقبال عليه بكل حيوية ونشاط.
إنهم العظماء والحكماء والأثرياء والعلماء والساسة والمفكرون والمجددون لحياة البشر في هذا الكوكب الوحيد المأهول بنا بين كواكب مجموعتنا الشمسية. كساهم الله –عزوجل- بكساء البطولة، وألبسهم تاج الشجاعة، ووهبهم كنز الحكمة؛ فهي كاشفة الأسرار، وعابرة البحار، و مؤونة الأمصار، ونور الدار والديار.
ولم تجتمع هذه الصفات في كائن وهبه الله العقل والروح والجسد مثل الإنسان إلاّ وقد وصف بأنه من الأصفياء و الأقوياء و الأذكياء.فالثراء في هذا العصر -حسب الإحصائيات والدراسات- هو ثراء المهارة والمعلومة.والنجاح في سباق المعرفة هو غاية ما يتمناه أكثر من ستة مليارات إنسان، هم سكان هذه المعمورة، وهو الذي يجلب ثراء المال والجاه، وثراء الأخلاق والقيم، والمنطلقات والسلوك والتصرفات.
فإذا توفر العقل الحاذق، والقلب الواعي، والروح المتدفقة الطامحة إلى قمم الجبال جاء المال، وراحة البال، والسعادة والطمأنينة، والرضا والتوفيق والتلذذ بالنصر والرفعة، وحصلت السعادة وعمّ الاستقرار.
فالمال إن وُهب جاهلاً زاده جهلاً، وان وُهب ذا علم وخبرة وتجربة ووعي زاد من خيره خيراً، ومن غناه بركة وحسن تصرف وتدبير وبناء وتعمير.شغل الإنسان وسلوكه وتصرفاته وانفعالاته ورغباته العلماء طوال التاريخ، وولد هذا الانشغال ثلاثة علوم مهمة جداً تطوف حول هذا الكائن العجيب الغريب، وهي علم النفس، وعلم الاجتماع، وعلم التربية، أُلّفت فيها الكتب وقامت البحوث والدراسات والتجارب، وأُنفقت الأموال، وأُقيمت المحاضرات والدورات وورش العمل؛ فالكل مشغولون بمعرفة سر هذا الإنسان محرك هذا العالم الكبير واللاعب الأول فيه.
وكيف يستطيع أن يحقق رغباته وأحلامه ويبني واقعه وحياته بشكل إيجابي ومميز ومرضي ومتوازن.كان من أكبر وأضخم هذه الدراسات هذه الدراسة، وقد أُجريت حول موضوع حيوي وهام هو محور هذا الكلام، ألا وهو موضوع القيادة، وكان جحم العينة البحثية مليون وخمسمائة ألف شخص حول العالم من جميع القارات الست، وقد كانت تحوم حول سؤال يدور في خلد كل واحد منكم يقرأ هذا المقال وهو:هل يستطيع جميع البشر أن يصبحوا قادة في مجالاتهم المختلفة أم لا؟للربط فقط كان الاعتقاد القديم للناس قبل هذا العمل الجبار بعدم استطاعة الكل على القيادة، وأن القيادة أمر فطري وغير مكتسب!!
ولكن سرعان ما حصل التحوّل الكبير والانقلاب الهائل في المفاهيم؛ إذ أكدت هذه الدراسة على أن 98% من الناس قادرون على القيادة، وأن 2% منهم قاده بالفطرة، وأن 96% من الناس قادة بالتعليم والتدريب وتنمية المهارات وصقل القدرات، وأن 2% المكملة لـ100% من البشر غير قادرين على القيادة فقط!!
وهذه البشرى تضيء لنا الإشارات الخضراء، وتفتح لنا البوابات الكبرى للعبور إلى جزيرة النجاح والتفوق والرقي والتقدم والازدهار والإعمار وتحقيق الأحلام الكبيرة وعناق الطموحات العظيمة التي تدور في خلد الكثير والكثير من خلق الله وعباده، وتجول في خواطرهم كل يوم، ولكنها حبيسة الأنفس المترددة، والأفكار الظلامية، والآراء المتشائمة، والتوجهات المشتتة، والحياة العشوائية.فمتى نطلق طاقاتنا الدفينة و رغباتنا السجينة وسط أرواحنا المهزومة وأفكارنا المأزومة التي تقتلنا قبل أن نبدأ فنُدفن حيث وُلدنا، ومن يحرر لنا شهادة الميلاد هو ذاته من يحرر شهادة الوفاة، ولكن بتوقيعنا نحن وبكل أسف!!
فمتى يُخرِج كلٌّ منا القائد الفولاذي المتألق الذي بداخله لكي يعانق السحاب فوق القمم الشاهقات، التي هي مكان للأبطال والمميزين والعظماء والمبدعين... وأنت واحد منهم –ولاشك- ولكن انفضِ الغبار عن عقلك والكسل عن بدنك والهزيمة عن روحك، وأطلقِ القائد الهمام الذي في داخلك، وقُدْ نفسك وأسرتك و من حولك وأمتك المتعطشة لعملك، نحو السعة والسرور والفرح والحبور والثراء والقصور والرضا في الشعور في طاعة الآمر للمأمور سبحانه.فأنتم قادرون على تحمل المسؤوليات الجسام في بيوتكم وأعمالكم وأسركم ومجتمعكم المتشوق لأعمالكم وإبدعاتكم الرائعة وأعمالكم الخالدة.
فتعلموا أسرار القيادة وفنون الريادة التي تصنع التحول في حياتكم، وكونوا صُنّاعاً للحياة تتسمون بالمبادرة والشجاعة، والإدارة المميزة للوقت، والرؤيا الثاقبة، والأهداف المكتوبة، والرسالة السامية، والتخطيط الإستراتيجي ذي النفس الطويل، والتنظيم للأعمال والصدق في الأقوال، والصلابة في المواقف، والحزم في الحقوق، والعزم في الإنجاز، والاعتراف بالأخطاء، والاستفادة من العثرات لمصلحة ما هو آت فهذه صفات القائد.
وهنا يقف أمامي مثال شامخ معاصر لنا وبين أيدينا, سيرته ملأت الدنيا، وإنجازاته ذاعت في كل الأمصار، و نُقشت بأجمل الأحبار.هو الدكتور عبدالرحمن السميط الرجل الذي غير إفريقية وقلب موازينها الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والدينية، ذلك الطبيب المخلص ذو القلب النابض بالعمل الجاد والنية الصادقة، والتوكل على ملك الملوك سبحانه صاحب الحلم الكبير.ذلك الشخص المريض والذي لم يثنه مرضه وتناوله لأكثر من عشرة أنواع من الأدوية يوماً عن عمله الجبار ومشروعه الضخم في تقديم الهداية، و دين الحق، والعيش الكريم، ومشاريع التنمية لأناس نسيهم العالم خلف الأدغال، فذكرهم عبد الرحمن السميط.ولأن لغة الأرقام لغة يقرؤها العرب والأعاجم, الاثرياء والفقراء, السعداء والبؤساء،وهي خير دليل وبرهان على همم الأبطال وقمم الرجال، وهنا نشير إلى مقتطفات من حياته العظيمة بالإنجازات والفتوحات والمفاجآت السارة واللافتة للنظر.بدأ السميط عمله الخيري والدعوي والتنموي بدايات بسيطة في دولة الكويت؛ حيث غلفه بطموحات كبرى، وكان ذلك في أواخر السبعينيات الميلادية من القرن الماضي.وكما هي العادة الدنيوية والنواميس الكونية للبدايات؛ ففيها تكون التحديات والصعوبات والأبواب المغلقة، ولكن لا يقطف الورد في النهاية إلاّ من وخز بأشواكه!!
ثلاثة أشهر من العمل الشاق والجاد والتواصل الكبير مع الناس في بلد غني مثل الكويت ومع ذلك لم يستطع السميط إلاّ أن يجمع (1000) دولار فقط!!إنها خيبة أمل بالطبع ومع ذلك لم يرفع العلم الأبيض، ولكن غير الإستراتيجية فتحوّل من مخاطبة الأغنياء والأثرياء إلى مخاطبة الطبقة الوسطى هناك، وتحديداً الشريحة النسوية المراهنة على ما عند الله، وقد كانت كنز عبد الرحمن السميط المفقود، حيث فتح الله عليه فتحاً عظيماً بعد ثلاثة أشهر عجاف، وانطلق بكل قوة نحو حلمه في تنمية وتغيير وتطوير القارة السمراء، ذلك المكان الموحش للبعض، ولكنه للأنفس التواقة التي تعشق التحدي والمغامرة وتطلبها، وكان ذلك النجاح الرهيب والمدوي بكل المقاييس.
أسلم على يديه وعبر جهوده وجهود فريق العمل الطموح الذي يرافقه أكثر من سبعة ملايين شخص في قارة إفريقية فقط.وأصبحت جمعية العون المباشر التي أسسها هناك أكبر منظمة عالمية في إفريقية كلها يدرس في منشآتها التعليمية أكثر من نصف مليون طالب، وتمتلك أكثر من أربع جامعات، وعدداً كبيراً من الإذاعات والمطبوعات، وقامت بحفر وتأسيس أكثر من (8600) بئر، وإعداد وتدريب أكثر من (4000) داعية ومعلم ومفكر خلال هذه الفترة، وقلب الآلاف بدون مبالغة من طالبي الصدقة والزكاة إلى منفقين لها بكل جدارة؛ فقد طبق المنهج الإسلامي الواسع في التنمية المستدامة للأمم والشعوب.
زرع عبد الرحمن السميط حب العطاء وفن القيادة في من حوله، وكان من أبرز من التقط هذا المنهج حرمه أم قصي التي تبرعت بجميع إرثها -بلا تردد- لصالح العمل الخيري، وهي أيضاً قائدة بارزة في مجالها؛ فقد أسست الكثير من الأعمال التعليمية والتنموية وتديرها بكل نجاح وتميز، وهي بدعمها ومؤازرتها أحد أسرار نجاحه أيضاً، وهذه أحد تفاعلات النجاح وخلطاته السحرية، حيث النجاح الجماعي حيث يكون التكامل .إنها روح واحدة صنعت كل هذه الإنجازات العظيمة في ثاني أكبر قارة في العالم، وتحت أصعب الظروف السياسية والصحية والثقافية، حيث تنتشر الحروب والنزاعات والجهل والتخلف والأمراض، ويغيب الاستقرار والأمن والجهات الداعمة.
إنها نفس الروح التي تجري في عروقنا، وتحرّك أجسادنا جميعاً، ولكن الفارق هو روح القيادة الفاعلة المبنية على الحكمة والإخلاص والنوايا الطيبة التي هي أساس العمل الناجح والمثمر الذي يباركه الله –عزوجل- ويسهل كل الطرق لصاحبه، فهل نطلق القائد الهمام المقدام -والناس نيام- الذي بدواخلنا نحن بني البشر على اختلاف أجناسنا وأعمارنا وأقطارنا!!
فلنفعلْ من الآن، ولنجعلْ بداية هذا العام هي خط البداية لاكتشاف القائد فينا وصناعته في من حولنا من أبناء أو طلاب أو أعزاء، وهنا يكمن الفرق؛ فالإنسان الذي غيّر القارة يحمل نفس روحك وعقلك وجسدك، وكان الاستثمار الأمثل لهذه الأعطيات والأنعم الإلهية بشكل ذكي وموفق سخر لمصلحة البشرية التي لا تزال تحلم بالإنسان الذي سوف يغير العالم، فهل أنت هو يا ترى؟
"تأصيل"
روى مسلم عن أبي هريرة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:
"المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرصْ على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإذا أصابك شيء، فلا تقلْ: لو أني فعلت كذا، ولكن قلْ قدّر الله، وما شاء فعل، فإنّ لو تفتح عمل الشيطان"."
خاتمة
"القيادة هي باختصار"
"تحريك الناس نحو الهدف"


سلطان بن عبد الرحمن العثيم
مدرب معتمد في التنمية البشرية وتطوير الذات