قبل البداية ..

"ارحب بكم في رحلتنا الماتعة نحو القمة , وقبل الإقلاع علينا أن الا نكتفي بتمني الوصول إلى القمة ولكن علينا العمل الجاد والمتقن للوصول إليها "



رحلة سعيدة وممتعة وبناءة للجميع ,,,






" دستور الموقع "

إذا أردت أن تحلق مع الصقور .. فلا تبقى مع الدجاج !!





تحياتي وأمنياتي ,,,



سلطان العثيم ..






السبت، 10 ديسمبر 2011

الإسلاميون .. الوعد أم الوعيد

الإسلاميون ,, الوعد ام الوعيد


أفرز الربيع العربي لنا واقعا جديداً قد يستغرب منه البعض، والبعض الآخر لا يفهمه، والبعض الأخير هول الصدمة جعله يطلب المزيد من الوقت حتى يستوعبه। ففيه تغيرت الكثير من الأدبيات والأفكار والرؤى والتوجهات। وظهرت الكثير من الشخصيات التي إما كانت مهمشة أو ملاحقة أو منفية أو معتقلة، وهو نفس الحكم على عدد من التنظيمات والجماعات والأحزاب والتيارات الفكرية والسياسية التي عاشت في الحديقة الخلفية للمجتمعات العربية والإسلامية بعيدة عن الواجهة السياسية والإعلامية، وأضحت دوماً في حال مواجهة وتدافع وصراع على البقاء ومناورات للعمل وكسر الحصار والبحث عن نوافذ للتواصل مع القواعد الشعبية والقيادات المجتمعية مهما كانت شدة الضغوط أو علو الأسوار أو قسوة الحصار أو ضراوة المعارك


عجلة الربيع العربي المتسارعة التي انطلقت جعلت الكثيرين مذهولين من هذه التحولات الكبرى والتي تنبئ عن دخولنا دورة حضارية جديدة ذات عمق مختلف ورؤية جديدة وفكر متجدد وواقع متغير، كفر بالماضي المظلم وإيمان بالمستقبل الواعد.
دورة مختلفة عن سابقتها في التعاريف والمحاور والأطر والمخرجات؛ وعليه فالكل مهموم بالمستقبل والجميع متحمس لمعرفة باقي حلقات المسلسل الذي جعل المواطن العربي يهجر الدراما ويتخفف من الرياضة ويدمن على مشاهدة الأخبار ومتابعة الأحداث ويألف كلمة عاجل والتي أضحى يشاهدها عشرات المرات يومياً بعد أن كان يشاهدها مرة أو مرتين أسبوعياً। يعيش حالة من الترقب ويحاول أن ينسج خيوط المستقبل في سماء وطنه الجديد.


والمراقب هنا للأحداث من قرب يشهد ويلاحظ صعودا كبيراً للحركات والأحزاب والتكتلات الإسلامية والتي ظلت على الهامش لعقود طويلة، بل إنها كانت على مرمى ملاحقة الأنظمة التقليدية السابقة।


هذا الصعود له عدة ملامح إيجابية ومشجعة على المستوى الوطني والتنموي والتغير الحضاري الذي يرسم ملامح المنطقة الآن। أولها الاختيار الشعبي للقيادات التنفيذية والتشريعية بكل حرية وشفافية. وثانيها وقف الانفصام التاريخي النكد بين ما يريده الشعب وما تريده الطبقة الحاكمة وهو بلا شك أصبح لعقود أحد أكبر إشكاليات الفشل التنموي والصراع الحضاري بين المجتمعات وغياب الاستقرار والرخاء والعدالة والحرية والكرامة عن المجتمعات وإقصاء الدين وطمس الهوية وتدهور الكثير من البلاد العربية وانتشار الفساد والمحاصصة والاحتكار وتفشي الفقر والبطالة والجريمة.


وهنا أصبحت الكرة في ملعب التيار الإسلامي الذي سعى لذلك من أكثر من مئة عام؛ حيث حال الاستعمار بينه وبين ذلك، ثم جاءت مرحلة الجلاء حيث خرج الاستعمار ولكن المجتمعات لم تتحرر بعد وتنطلق وأصبحت الآن في المربع الثالث؛ حيث انتقلت من حال الجلاء إلى حال التحرير؛ حيث يعتبر فضاء التحرير وسيادة الشعب على قراره والأمة على نفسها وعودة الشريعة والمشروع الإسلامي لاعبا أساسياً في التعاطي السياسي والاقتصادي والاجتماعي للمنطقة تحولاً كبيراً في المشهد।


ومن سمات هذا الصعود أنه لم يكن مسلحاً أو عسكريا بل صعوداً يحسب له أنه جاء سلمياً بعد نضال سياسي وحقوقي كبير امتد لعقود، وهو ما جاء لمصلحة الإسلاميين؛ حيث أصبح الخطاب أكثر رشدا وتعقلاً ومرونة واستيعاباً لمتغيرات العصر وتحولات الواقع.
وظهر هنا ومن خلال الممارسة الأولية أن هناك نضجا يلوح في الأفق داخل هذه التجربة التي تتشكل الآن.
وهي علامة مهمة من علامات انتقال المشروع الإسلامي من مرحلة الصحوة إلى مرحلة اليقظة؛ حيث يدخل مع الحماس والتدفق والرغبة في العمل والإنجاز الحكمة والموضوعية والهدوء والتعقل والبناء الاستراتيجي للمشروع، والتدرج في التطبيق والبعد عن تزكية النفس وأي تشنج أو استبداد فكري أو علمي أو استئثار أو شمولية في القرار أو الأفكار.
كما تمتاز المرحلة باتساع دائرة قبول الآخر والتكامل معه بدل التنافس السلبي والصراع، خصوصاً مع أصحاب التقاطعات المهمة معه في المشروع الوطني أو النهضوي أو الحضاري।


كما يلاحظ أن الخطاب الإسلامي هذه المرة لم يغفل البعد الوطني أو القومي في أدبياته وكان حاضراً وبقوة وانطلق على مزج فكرة ظلت سنوات في كتب المنظرين والباحثين الإسلاميين وخرجت إلى الواقع العملي مؤخراً، وهي أن يجمع المنهج العملي بين الأصالة والمعاصرة وبين التفاعل بلا ذوبان والخصوصية بلا انغلاق।


كما يلاحظ أيضاً استيعاب أكبر لفكرة الشورى كإحدى أدوات الديمقراطية المعاصرة والبعد عن سجال المصطلحات والتركيز على المآلات وفقه المقاصد، والذي بزغ نجمه مع فقه الواقع بالإضافة إلى الروح التجديدية في السياسة الشرعية والتي دارت عجلتها بشكل متسارع مواكبة لمتغيرات العصر وتحولات الواقع।


وفي فضاء آخر امتاز الخطاب الموجه للخارج بقدر من الوعي السياسي والحصافة ومراعاة التوازنات الدولية، ما جعل عقلاء العالم ومنصفيهم يقرون بحق الإسلاميين بأخذ مكانهم الطبيعي في هذه المجتمعات وعودتهم إلى الواجهة। لاسيَّما أن الغرب في نظري أدرك تماماً أن ظاهرة الإرهاب والتمرد المسلح وحروب الشوارع والعمل السري ما هي إلا نتاج الكبت والملاحقة والتهميش والاستبداد والذي طال الكثير من هذه المجتمعات والتنظيمات. وحّول عملها إلى نطاق السرية بدل العلن وانتقل الطابع التنظيمي لها بعد حصارها وملاحقتها والتضييق عليها من طابع الحزب إلى طابع الجماعة ثم إلى طابع المجموعة، وكل ذلك أفرز الغموض والريبة والتناحر والصراع الوجودي والذي ينتهي بتدمير كل طرف للآخر والنقمة عليه.


وهي ما تأثر به الكثير من المناطق التي أصبحت مناطق ساخنة بسبب هذا الصراع। فالأفكار الصالحة لا تنبت إلا تحت الشمس وفي الهواء الطلق. ولا ترشد داخل الغرف الضيقة وتحت الأقبية البعيدة عن النور وهو أمر أدركه الكثير من الحكماء والعقلاء وتغافل عنه البعض أو منعتهم شقوتهم. فالحرية هي البيئة المستجلبة للاستقرار والعمل والإنتاج والبناء ورفعة الوطن وعدالة الإنسان وكرامة المجتمع.


فعدم تنفيس الاحتقان وغياب الحل السياسي والإيمان الكبير بالحل الأمني دائما والذي في الغالب ما يعود بآثار سلبية على المجتمع ويجعل الدول تعيش على صفيح ساخن وتنتقل طاقة أفرادها من البناء والإعمار إلى الصراع والدمار، ومن التفاهم والاستيعاب إلى التناحر وتصفية الحسابات وهذا أمر خطير يجعل الدول تدخل في خندق قاتل لا تستطيع الخروج منه إلا بثمن باهظ جداً.
علينا جميعاً تفهم أن التجارب الإنسانية هي تجارب تراكمية تولد وتراهق وتنضج وهو الأمر ذاته في كل ما هو متعلق في اجتهادات البشر والصراعات الفكرية والفلسفية؛ وعليه فعلى الإسلاميين مواصلة نقد تجربتهم من الداخل وتصويب أي قصور أو نقص، والاستفادة من جميع التجارب النموذجية انطلاقاً من ثورة محمد عليه الصلاة والسلام الكبرى حتى الآن।


وقيادة المنطقة بشكل عاجل إلى أوضاع أفضل من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والاستثمار في الإنسان وعلاج المشكلات الملحة والملفات الساخنة والاستمرار بهذه الروح الجمعية والائتلافية المستوعبة للجميع والمحتوية للفرقاء والخصوم। والسعي الجاد لأوطان أرقى وأقوى وأجمل، وأمة ناهضة ومتحضرة. عليهم باختصار أن يكونوا الوعد ولا يكونوا الوعيد.



بقلم / سلطان بن عبدالرحمن العثيم

ليست هناك تعليقات: