قبل البداية ..

"ارحب بكم في رحلتنا الماتعة نحو القمة , وقبل الإقلاع علينا أن الا نكتفي بتمني الوصول إلى القمة ولكن علينا العمل الجاد والمتقن للوصول إليها "



رحلة سعيدة وممتعة وبناءة للجميع ,,,






" دستور الموقع "

إذا أردت أن تحلق مع الصقور .. فلا تبقى مع الدجاج !!





تحياتي وأمنياتي ,,,



سلطان العثيم ..






السبت، 10 ديسمبر 2011

القوامة .. السيف أم السفينة

القوامة ,, السيف ام السفينة



القوامة ذلك الصدى الذي يقرع في الآذان। ماذا سوف يتبادر إلى ذهنك الآن؟ وما الفكرة العامة التي تحتضنها॥؟ تأمل قناعاتك من هذا العنوان॥ قد يتبادل إلى الأذهان حينما يمر علينا هذا المصطلح الدارج الكثير من المعاني والصور، وتلمع في الذهن الكثير من الممارسات والسلوكيات। البعض له علاقة بمفهوم القوامة الحقيقي والآخر لا يمت لها بأدنى صلة لا من قريب ولا من بعيد। بل ألصق به إلصاقا في غفلة من العارفين وتحت جنح ظلام السنين। وقع ما وقع وانحرف القطار عن مساره حيث وصل إلى مكان لا نريده أن يصل إليه। هوة سحيقة ومنظر تقشعر له الأبدان।


فالمتبصر بأحوال البلاد والعباد يرى اختطافا خطيرا لهذا العنوان الهام ذو المنطلقات الشرعية السامية والتطبيقات الاجتماعية الواسعة والآثار النفسية والتربوية والإدارية العميقة في عالمنا الكبير وتفاصيل حياتنا اليومية.
ويأتي اختطاف هذا المفهوم وإساءة استخدامه من الظواهر الخطيرة التي يستطيع أن يرصدها الجميع، حيث لا تحتاج إلى كثير جهد في البحث والتنقيب والملاحظة مع التذكير بأن كل هذه التجاوزات تحصل في مجتمعات يغلب عليها مظاهر التدين والقرب من منطلقات الشريعة ومقاصدها. وتأخذ نصيبا كبيرا من الوعظ والإرشاد اليومي!!
قد يتساءل البعض كيف حصل هذا الانقلاب في المفاهيم والتحريف للمعاني والاختراق للتشريع؟
وعليه علينا أن نعود إلى مفهوم القوامة التي وردت في الدستور السماوي لأهل الأرض، حيث يكون التطبيق والتناول من قبلهم وترجمة هذا الوحي الإلهي على حياتهم فهي ليست ترانيم تردد أو أناشيد تنشد، بل مشروع حياة وخطة عمل ومعالم على الطريق.
ولا أشك للحظة أن كلنا يعرف قول الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ}.
وهنا سوف تجد فهما مشوها للفكرة الأصيلة الذي يتناولها الشارع الكريم. فمفهوم القوامة هنا هو الرعاية والاحتواء والنفقة والتوجيه بالمعروف والتصدي لأدوار الحياة التي تحتاج الرجل وحسه القيادي وإقدامه الحياتي وصلابته في الملمات وعقلانية في النائبات وقوة تحمله للمسؤوليات مع التأكيد على الشراكة الحياتية والتوازن السلوكي في المعاملات بين الرجل والمرأة.


فالقوامة أشبه بسفينة النجاة التي تعبر بالأسرة إلى شاطئ الأمان والاطمئنان تطوف بها الخلجان والبحور وتصمد، أما أمواج الحياة العاتية وتقلبات الظروف والأحوال فهي الظلال والفيء من شمس الهجير عنوانها العريض الأمان والاستقرار والحب والسلام.
لكن البعض -وهم غير قليل- حولها إلى سيف على رقاب النساء، فتقع المظالم وتذهب الحقوق وتغتصب الأموال وتقهر الأنفس وتغتال الآراء وتقتل الشورى وتهمش المرأة، ويقع كل ذلك الطغيان بحجة القوامة، وهي منها براء.
عندما تغيب حجة الرجل فإن القوامة سلاحه لتمرير رأيه وإجبار الطرف الآخر عليه، وعندما تنام الحكمة والعدالة وتستيقظ الأنا وتحضر المصالح الشخصية، فإن القوامة هي الواسطة التي يستطيع الرجل من خلالها السيطرة على مقدرات المرأة ومالها ومستقبلها الزوجي والعائلي وربما العلمي والوظيفي.
كم من حالات العضل أو منع الزواج وكم حالات العنف بأنواعه وحالات الابتزاز المالي وأخذ الرواتب والمدخرات وحالات الزواج بالإجبار وحالات الاستحواذ القانوني عبر الوكالات العامة صدرت بحجة القوامة، وكل هذا يكون باختطاف مصلح شرعي جاء لخير المجتمع وضبط إيقاعه، وهو بالأصل تكليف وليس تشريف، ولكن بني الإنسان شكلوه بأهوائهم ورغباتهم الشخصية وجاهليتهم بمقاصد الشريعة ومآلاتها وعدالة من لا يغفل ولا ينام سبحانه، الذي حرم الظلم على نفسه فكيف يكون بين خلقة متاحا بمسوغات شرعية واجتماعية وبمبررات ذات ألوان زاهية تخفي سواد الجور خلف أنيابها.

وفي المقابل نجد فمهما مشوشا من بعض بنات حواء لهذا المفهوم واعتقادهم السائد بأنه جاء لكي يمارس الرجل به الاستبداد والاستعباد والإرهاب الاجتماعي، فأصبحت بعض المجتمعات تعيش حالات العنف والعنف المضاد، فممارسات استبدادية من بعض الرجل يقابلها محاولة المرأة الانعتاق من نفوذ الرجل وإعلان الحرب عليه والتمرد على سلطانه ورفع شعار لست محتاجة لك، وهنا نقع في دوامة الحرب المعلنة والخفية بين الطرفين التي يكون كلا الطرفين فيها خاسرا ومهزوما!!
وهنا يلحظ المراقب أن العلاقات بين الرجل والمرأة في بعض المجتمعات والبيئات العربية والإسلامية أصبحت تعيش حالة من الشد والجذب والتنافر بدل الانجسام والاحترام والتفاهم المتبادل والتنسيق التام، حيث أريد لها الاستقرار والعمار وشبت عن الطوق وأصبح الصراع والمناكفة عنوان لعلاقة خلقها الله لكي تتكامل وتعيش جنبنا إلى جنب بالمعروف والحسنى وتحول العنوان الرئيس هنا إلى التنافس بدل التكامل والصراع بدل السلام والعنف والعنف المضاد، وعندها سوف يستمر المسلسل، فكلا الطرفين لديه مفاهيم مشوشة عن دوره وواجباته وحقوقه وهنا يقع المحظور بكل أسف.
إننا بحاجة لكي ينبري المتخصصون والباحثون والمصلحون لشرح الأفكار الصحيحة وتقويم الانحرافات التي وقعت في تأصيل المسألة أو في فهم المتلقي لها. بالإضافة إلى وجود الدوائر الاجتماعية والقضائية التي تمنع هذه الممارسات وتقوم أصحابها وترفع الظلم عمن لا حول لهم ولا قوة. لاسيما إذا عرفنا أن حالة طلاق واحدة تقع كل خمسة دقائق حسب الإحصائيات الرسمية، وهذا أمر مرعب بلا شك.
إن بيئة الصراع تصنع لنا جيلا ضعيفا لا يقوى، وهزيلا لا ينمو، مهزوما لا ينتصر، عاش في بيئة مرتبكة فخرج مشوش الوجدان والضمير مبعثر العقل والتوجه. يمضي على خطى من سبقه يقلد كل ما رأى وسمع وبرمج عليه. وتستمر الرواية وبطلها لا يدرك أن يحفر قبره بنفسه حينما يحمل القنابل وهو يعتقد أنه يحمل عناقيد العنب.

* محبرة الحكيم

نتاج هذا الارتباك في المفاهيم والقيم والسلوكيات سوف يخرج لنا إنسان يردد العبارات ويسير في عكس اتجاهاتها حتى يتصادم مع نفسه.


* مدرب ومستشار معتمد في التنمية البشرية وتطوير الذات CCT
وعضو الجمعية الأميركية للتدريب والتطوير ASTD.

ليست هناك تعليقات: